يسمع المواطن كلام نشرة الأخبار فيحاول التصديق، وينظر إلى الواقع فيتعجب، وتستوي حيرته أمام خبر الاقتصاد وخبر السياسة، ورؤى الكياسة وبرمات النخاسة . ولذلك وغيره زادت مصداقية القول بأن كل النظريات السياسية والاقتصادية والأمنية العالمية سقطت في اليمن.. والبركة في هذا الرصيد الطافح بألعاب الفجور ومتواليات التذاكي والتكاذب . وحسبنا تأمل كيف أن الجديد لم يجترح غير أسوأ ما كان عند القديم حتى جاءت رياح القول بأن الصميل أصدق إنباء من معظم أخبار وكالات الأنباء.. وراجعوا ما حدث في المسافة الممتدة من عمران إلى صنعاء وما قبل وما بعد.. ! بالصميل وحده عادت الرأفة وتراجعت مطارق الجرعة ولن تعود أسعار السلع إلى ما قبل رفعها على ذمة الجرعة إلا بحضور صميل آخر . حتى القرارات والتوجهات مرهونة في سوق الحطب وعلى المتضرر أن يضع الدولة في جملة ثم يبدأ بالإعراب بصورة لا يتوجع منها سيبويه في قبره. وتسأل تلك الأشياء المتحركة التي تظهر في اجتماعات مصورة فلا تتذكر سوى ذلك الشاب الذي أرسل أباه ليخطب له فتفاجأ بعودة الأب عاقداً على العروس "أبوكم أبدى يا عيالي". وكان يمكن النظر إلى المشهد بأنه تسلية أو فنتازيا شعبية وحكومية لولا أنه ينتهي كل مرة إلى شيء من إهالة التراب على دولة افتراضية لا يجوز الفرجة عليها وهي تتحول إلى شيء كرتوني بعد أن كانت الشكوى فقط من الرخاوة واللزوجة . الغريب أن بيننا من لا يزال يستغرب كيف لجماعة من الفتيان أن يجبروا الجحافل على ترك المواقع الحصينة اكتفاء بمغريات فرصة المغادرة ببندق مزود بالناظور في أحسن الحظوظ ،ولا داعي للحيرة فمن غير الطبيعي أن يحدث ما تعلنونه من الدهشة . ودائماً.. كل تخبط قابل لتوزيع دمه بين قبائل المعاونين والمستشارين الذين لا يخطبون سوى لأنفسهم.. وها هي مهمة رئيس الحكومة الجديد مثقلة بأعباء ما أصاب المنصب من التشويه على يد رئيس حكومة سابق لم يستقل إلا بعد أن "استقالوه" من العمل عند شلة أضعفت مسمى الحكومة وها هي لا تتجمل مع الشعب حتى بالصمت عن الصراخ على الأطلال موزعة تهم الخيانة لتبرير تساقط نمور السجاجيد. سقطت النظريات السياسية والاقتصادية والأمنية وما يسمى بموازين القوى.. ومع ذلك لا مفر للحكومة القادمة من قراءة صحيحة للمؤشرات الاقتصادية والمالية والإنتاجية والمصرفية والأمنية وإعادة الاعتبار لمسمى الحكومة.. ومن يدري لعل المعجزة تحصل من وسط هروب البنادق المرتعشة أمام إرادة.. افعل ما تقول وقل ما تفعل .