الكل يستشعر خطر الطائفية، ولكن لم يسأل أحدهم نفسه ما الطائفية وكيف تأتي، وما نلمسه اليوم هو تخوف من الاقتتال الطائفي بانفعالات عاطفية تعزز الخطاب الطائفي ،فتجد الكثير من المثقفين بتخوفهم من الطائفية يصبغون كل شي بلون طائفي!!، ولكن ما من شعب يتجه بقدميه نحو الاقتتال الطائفي فالحاجات المادية هي من تحرك الناس والحرب على أساس عرقي وديني ليست من حاجاته، بينما الحرب الشعبية بين شعب وسُلطة في ظرف ما قد تُصبح من واجباته الثورية،، وليس بمجرد أن تقول قناة الجزيرة أن ما يحدث اقتتال طائفي يصبح طائفياً. ليس كل تنوع (ديني ،عرقي) هو انقسام طائفي؛ فهل يعلم من يُخوفونا بالنموذج اللبناني أن أول دستور لبناني طائفي صدر بعهد الانتداب الفرنسي في القرن الثامن عشر، بدون أن يكون للشعب اللبناني يد في ذلك، وقبل أن تقوم الثورة الإيرانية الخمينية، وقبل أن يوجد حزب الله، وأن الحرب الأهلية اللبنانية في عام 1975قامت بوجود الدستور الطائفي وفرز طائفي عززته البرجوازية الكولونيالية لتمزيق وحدة الجماهير الشعبية، لتحافظ على سيطرتها. وأن العنف الطائفي في العراق ليس قرار الشعب وليس نتاج خطبة مسجد، بل هو نتاج الممارسات الدكتاتورية الطائفية طوال حكم صدام حسين التي بدت قوميته شوفينية تجاه الأكراد، وبعثيته سُنية تجاه الشيعة ؛ هذه الاحتقانات جاء الاحتلال الأمريكي في 2003م لكي يضاعفها ويزيد حدتها ليسهل عليه السيطرة، لا ليحميها كما كان يهتف بعض المثقفين!، والعنف الذي يأخذ اليوم شكل طائفي في العراق نتاج هذه الممارسات التاريخية،فمن الغباء محاولة نقل هذه التجارب إلى اليمن ومحاولة إقناعنا أن حرباً طائفية تلوح في الأُفق، وأن التجمع اليمني للإصلاح والقاعدة طائفة، وأن اللجان الشعبية "الحوثية" طائفة! إن محاولة تلوين شعبية الحرب بطائفيتها هو خطاب القوى الكمبرادورية لتصرف الشعب عن تطلعاته وحقوقه التي ستأتي على حساب هذه المصالح الطُفيلية، وخطاب الإمبريالية الأمريكية والرجعية الخليجية، لتزعزع وحده الشعب اليمني فيسهل السيطرة عليه، بتلك الفلسفة الاستعمارية البسيطة "فرق تسد"، وليس لنا كقوة وطنية وقوى ثورية وتقدمية -كما ندّعي- أن نسمي ما يحدث بحرب طائفية، ونردد بغباء ما تفرزه قناة الجزيرة والعربية من سمومهما الصهيونية. الاقتتال الطائفي يحتاج طوائف، وليس هنالك في اليمن طوائف، على مر التاريخ لدينا تنوع مذهبي متعايش.. والطائفية كممارسة إقصائية وكانقسام عمودي في المجتمع تستند على خصوصية (ثقافية، عرقية، مناطقية) لا تولد فجأة من وسائل الإعلام وخطاب وممارسة أحادية الجانب، وحين تفجر القاعدة أو يحارب متطرفو (الإصلاح) بلافتة -قتال الرافضة- فالكل يعلم أن دافعهم سياسي، وأن كل شافعي ليس عدو كل زيدي، وأن اللجان الشعبية لا تلاحق الشافعية لا تكفرهم ولا تفجر بتجمعاتهم ولا تغتالهم بتهمة الشافعية أو "السنية"!! بل معركتها مع أجنحة السلطة وتنظيماتها الإرهابية، وهذا حق في ظل الوضع الأمني البائس، حتى يقوم جيش وطني جديد من حطام القديم، يحمي التعايش والدولة الديمقراطية العادلة المدنية التي أجمع اليمنيون بالحوار على بنائها.