ذلك الطفل الذي يصرخ بالموت ويردد أناشيد الاستشهاد هل يدرك معنى ما يصرخ به فمه وتردده لسانه أم أنه يعتبر أن الموت والاستشهاد لعبتا تسلية ليس إلا. مرعب حتى أكثر من مشاهد القتل التي يعرضها إرهابيو داعش مشهدُ الطفل اليمني وهو يردد ما يردده الكبار من شعارات الكراهية أو يحاكي ما تبثه وسائل الإعلام من العروض اللامسؤولة في فوضى مظاهرات ما سمي بالربيع العربي. مشهد كهذا يثير الرعب وينذر المستقبل بخطر تحول هذه الشعارات إلى ثقافة تتجسد في سلوك هؤلاء الأطفال فيتحولون إلى عبوات ناسفة تتسلى بالقتل وتحتفي بالموت لأنهم كما قال الكاتب العربي مجمد أبو كريشة : سينشؤون بقلوب ميتة ونفوس معتمة مظلمة، وسيكونون فيما بعد أو ربما الآن جنوداً في جيش «داعش» و«النصرة» و«القاعدة» و«أنصار بيت المقدس»، والذي تآلف مع القتل والدم والنار يسهل عليه أن يقتل أو يحرق أو يسفك الدماء تحت أي راية، والأفضل والأسهل أن تكون راية الإسلام.. يمارس هواية القتل ويدخل بهوايته الجنة. إننا للأسف الشديد لا نعرف هذه النتائج التي ستكون حتمية إذا ما استمر تفخيخ أطفالنا وشحن رؤوسهم - بقصد أو بغير قصد- ولا نعرف معنى أن ينسى الطفل كل الألعاب السلمية ويطلب من والده -كلاشينكوف- بلاستيكي يتصيد به الفراش في الهواء أو يصوبه نحو أقرانه وفي ذهنه أنه نال البطولة بكامل فصولها. لقد اعتدنا قبح السياسة وتعكيرها صفو الحياة العامة لكننا لم نكن نتصور أنها ستصل إلى هذا القبح الذي جاءت به سياسة ما سمي بالربيع العربي الذي جاوز في سوداويته الكبار إلى تجنيد الأطفال وحشرهم كقرابين بشرية ومشاريع شهادة قادمة في حروب الحزب أو الطائفة. لقد لبس أطفالنا أكفانهم وتصدروا صفوف المظاهرات وصاروا يرددون أحقاد الكبار ببراءة وحسن نية، لقد ظهروا على شاشات القنوات الفضائية كأدوات للسب والشتم والنوح والأنين السياسي. لقد استخدموا بطريقة مقذعة في أناشيد الموت والاستشهاد . حدث كل هذا في إهمال الآباء لأبنائهم وقضائهم معظم أوقاتهم في المهاترات السياسية والتسمر أمام الفضائيات المغذي الرئيس لهذه الثقافة التي يكتسبها الأبناء جراء تعرضهم لهكذا مضامين خطرة. مشهد الطفل اليمني في جحيم السياسة مشهد محزن يستدعي من الجميع أن يقف دون إكمال السيناريو وأن يعيد للطفولة براءتها. اللعنة على سياسي يطل بخبثه من وراء بسمة طفل. الموت لسياسي يتدرع بدموع طفل في حرب قذرة.??????????