يعرف قاتلوه أنهم أقزام، لذلك أرادوا أن يستعيروا هامته لتتطاول أعناقهم قليلاً، ويشعرون بالزَّهو ولو لأيام قليلة.. بينما ارتفع محمد عبدالملك المتوكل، وأصبح أكثر حضوراً، وهم سقطوا في الحضيض.. حاولوا اغتياله في الأول من نوفمبر عام 2011 بواسطة دراجة نارية، لكن الله حال بينهم وبينه، وأعادوا الكرَّة بعد ثلاث سنوات، وفي نفس التوقيت أيضاً.. وكأنها ليست مصادفة!! سأله حينها أحد الصحفيين، بعد محاولة الاغتيال الفاشلة، حين التقى به وهو يمشي في شارع العدل، قائلاً: يا دكتور محمد، لماذا تمشي هكذا لوحدك بدون أي مرافق؟ فقال له: الأعمار بيد الله، والدراجات النارية بيد الجبناء. الدكتور محمد عبدالملك المتوكل كان رجل دولة مدنية بكلِّ ما تعنيه الكلمة، وكان واحداً من أركان هذه الدولة، فمجرد وجوده كان بمثابة عصا سحرية لإمكانية تحقُّق هذه الدولة المنشودة. قُتل الدكتور المتوكل لأنه كان يمتلك عقلاً يشكِّل تهديداً لدعاة الجهل والموت.. قُتل لأنه كان رجلاً مؤثراً ومنفتحاً ومتقبِّلاً للآخر، كيفما كان انتماؤه أو ميولاته.. قُتل لكي يوصل قاتلوه رسالة أنه لا مكان لقبول الآخر.. وقُتل لكي يؤكِّد القتلة أننا لسنا في عصر القبول بالآخر، ولا مكان سوى للتطرف. الدكتور محمد عبدالملك المتوكل قُتل مغدوراً، ولم يستشهد.. لا أحبُّ أن أسميه شهيداً، لأن الشهيد سنحتسبه شهيداً عند الله وننسى من قام بقتله.. لكن حين نقول إنه قتيل فهذا يعني أن هناك قاتلاً يقف خلف هذه الجريمة، ولا بد أن يتم القبض عليه. وضع الناس صورة المتوكل بدلاً من صورهم على صفحاتهم في الفيس بوك، وكذلك فعلوا حين قُتل عبدالكريم جدبان، والدكتور أحمد شرف الدين، ويتم تشكيل لجان عقب كل جريمة، ولا نتيجة سوى الخذلان.