عقب اغتيال المقدم إبراهيم محمد الحمدي رئيس الجمهورية وصعود المقدم أحمد حسين الغشمي إلى مكانه في القصر الجمهوري، حبذ بعض مستشاري الرئيس الجديد إيفاد رسالة ما للداخل اليمني، فدعوا فخامة الرئيس لزيارة حديقة الثورة وقراءة الفاتحة على روح السلف، وعندها اقترح أحد الوزراء على الرئيس بخصوص ركن في الحديقة خاص بالحيوانات، ونظر الرئيس إلى من حوله ويبدو أن المنظر لعدد من المواطنين لم يرق له فعقّب قائلاً: "ما نفعل بالحيوانات؟!"، وبالطبع نحن نفهم قصد الرئيس؟!.فقد كان رحمه الله ينظر إلى الشعب نظرة خاصة لم تظهر مجدداً في الحياة السياسية العربية إلاّ في مصر خلال زعامة الرئيس مرسي.. وحكاية الساسة والحيوان متجددة.. فها هي شركة MTN تبعث برسائل الاهتمام بالنمر باعتباره يمثل الرمز القومي لليمن ولست أدري ما إذا كان للجمهورية اليمنية رمز قومي يقبل به السيد جلال هادي، أم لا، لكنني متأكد مما يحدث في هذه البلاد من عبث بالحيوان والإنسان على حدٍّ سواء، وطالما تفرغت هذه المساحة للحديث عن نصف المعاناة فقط، فسأحيل القارئ إلى الشق الصامت والنصف الذي لا يجيد الدفاع عن نفسه ولا يمتلك القدرة على المظاهرات والحشد الاجتماعي، وأحشره في حديقة الحيوان الموجودة بالعاصمة، ففي هذا المكان تتضور الحيوانات جوعاً فيما مخصصاتها من أمانة العاصمة تذهب إلى أفواه القائمين على الحديقة والمسئولين عن رعاية هذه المخلوقات التي حسبناها داخل أقفاص حديد، ففي هذا المكان تحدث كارثة حقيقية وتموت الحيوانات جوعاً دون أن يهتز لأحدهم جفن، بل لم يظهر ولن يظهر من يتحدث عن هذه المأساة، فهي لا تنتج حليباً ولا تقدر على التصويت لأي طرف سياسي أو غير سياسي، لذا لا بأس في موتها جوعاً ولتذهب حقوق الحيوان إلى الجحيم، وحكاية القطة التي قذفت بصاحبتها إلى جهنم بسبب حبسها، لا نعني أحداً في شيء، والأستاذ عبدالقادر هلال أبعد ما يكون عن أي عقاب جراء هذه المعاناة، والجوع لحيوانات محبوسة في أقفاصها، أما حكومة السلم والشراكة فليست كما يبدو معنية بهذا الأمر كون الحيوانات لم تدخل ضمن الحسبة وليست موضوعة على طاولة الشركاء، ولست هنا واثقا من أن أحداً سيقدر هذا اللفتة ويعطيها قدراً من الاهتمام لعدم اكتراث الكل بهذا الموضوع. لذلك أدعو الزملاء في "اليمن اليوم" ونصفهم أدباء وشعراء وجلهم يتمتعون بأحاسيس مرهفة أن يجعلوا من هذا النداء قضية منشورة ولو على حساب مادة أخرى مكرسة للسياسة والسياسيين، فلهذه المخلوقات علينا حقوق، فإما أن يتوفر لها الزاد أو يطلق سراحها إلى الشارع العام لتنضم إلى قوافل الشحاتة التي تزين العاصمة والمدن الأخرى، وذلك أضعف الإيمان، أو أشد قوة.