لكم تشوّقتُ لزيارتها رغم مشاغلِ الحياة التي لا تنتهي.. حيثُ توقعتها شيئاً آخر تماماً. توقعتها تجمعُ في أقفاصها الحديدية «حيوانات» البيئة اليمنية النادرة.. وتوقّعتها مزاراً نباهي بما نمتلكه من نوادر في بيئتنا المحلية الثرية. فكانت رؤيتها مجرد صدمة غير متوقعة رغم أن صديقتي العزيزة«أمل» ،قالت لي قبل أن نلج بوابتها:سترين يا بشرى أن الحيوانات التي فيها تشبه البشر هنا تماماً ....! بمعنى أنها تعاني من سوء تغذية ورعاية واهتمام.. رغم أن الحيوانات في بقاعِ العالم الأليفة منها والمتوحشة خصصوا لها فنادق خمسة نجوم.. ومطاعم ..وسوبر ماركة..ومسابح...إلخ. أكيد سأجدُ الآن من يقول ساخراً:«لا تشطحي فهنا لم يوفروا الغذاء الجيد للمواطن البسيط.. وأبسط الخدمات..!!» فأردُ وأقول: ولما لا يكونُ هنا للحيوانات مثلما يوجدُ في كلِ بلادِ الله.. ونحنُ لسنا أقل منهم بشيء.. يوجد لدينا كل المؤهلات.. فقط لدينا هنا سوء إدارة.. وعمى رؤية وقِصر نظر.. فإمكاناتنا قد تفوق ما لدى بعض الدول الراقية.. لكن لا حياة لمن تنادي....! وما زاد من استغرابي هو حين قرأتُ لافتات عليها تعريف مقتضب ببعضِ الحيوانات.. فبدلاً أن تكون تلك اللافتات مثلاً: هذا الحيوان من جزيرة سقطرى.. وذلك من محمية برع.. وذاك من جبال الشرفين.. وآخر من المناطق الوسطى.. وغيرها الكثير.. فكل منطقة توجدُ بها ميزاتٌ لا توجد بأخرى وما أجمل أن تحتويها أقفاص حديقة مخصصة للحيوان حفاظاً عليها من الانقراض.. ولكن وجدتُ تلك اللافتات يفتخرون بها وكاتبين عليها: هذا الحيوان من شمال أفريقيا.. وآخر من جزيرة العرب..إلخ.. تلك المناطق التي يتباهون بها.. وطبعاً لا مانع من ذلك برأيي ولكن لا يعني أن تخلو حديقة وطنية كبيرة من معظم الحيوانات التي تتميز بها البيئة اليمنية...! أضف إلى ذلك عدم الإهتمام بالنظافة.. والرائحة المنبعثة من بعضِ الأقفاص نتيجة الإهمال أكرم الله القارئ العزيز...! أما الهزال الذي كان بادياً على تلك الحيوانات فهو حكايةُ أخرى! ما لفت انتباهي أكثر هو تلك الطفلة الجالسة في ركنٍ منزوٍ عند بوابةِ الخروج مُمسكةً بيدها عُلبة ألوان وميزان للوزن.. جاءت من منطقةِ المطار لتبحث عن رزقها ورزق عائلتها في حديقةِ الحيوانات.. من تلك المسافة الطويلة عبر أكثر من باص برفقة أخيها.. ماشدني في الأمر هو أنها اعتمدت على جهدها بدلاً من أن تمدَ يدها للمارين من أمامها.. كما يفعلُ الكثير ممن نجدهم في تلك الأماكن رغم أنهم في كامل صحتهم وقواهم العقلية! الانطباع الجيد والوحيد الذي خرجت به من الحديقة هو وجودها في مكانٍ رائعٍ مفتوحٍ على كُلِ الجهات وتتوفر فيه نسبة عالية من الأكسجين الطبيعي بعكس جو أمانة العاصمة الخانق. فقط تحتاجُ إلى مزيدٍ من الإهتمام والرعاية والنظافة واقتناء حيوانات نادرة من البيئة اليمنية لتكون متنفساً ومزاراً سياحياً نباهي به العالم. تلويحة: لستُ أدري ما الذي بي الآن؟ أودُ أن أسندَ روحي على ذراعيكَ يا وطني وانتحبُ بمرارة!