يحاول سلفيون إقناع الآخرين أنهم دعاة جماعة، وعاملون من أجل رص البنيان، ونبذ الفرقة والخلاف.. ومن الإنصاف الاعتراف أن فيهم أفرادا تتطابق أقوالهم مع سلوكهم، ولكن بالنسبة لهم كجماعات وحركات أو أفراد ينتمون إلى جماعات، تجدهم دعاة فرقة وخلاف، فأكثر حالات ومظاهر الخلاف والانقسام والتكفير والتناحر بروزاً، تجدها في السلفية. يختلفون حول ساحات الحرب وغنائمها في سوريا، ويختلفون على مصالح دنيوية، أو حول جزئية مثل هل ينصح الحاكم في السر أم في العلن فينقسمون، ويختلفون حول ولي الأمر، أو اللباس، أو اللحية، أو هل يكفر من لا يكفر الشيعة، فينقسمون.. يذكرون دوما بالأثر المشهور عن افتراق اليهود إلى 71 فرقة، والنصارى إلى 72 فرقة، والمسلمين إلى 73 فرقة، بينما ترى الفرقة السلفية الواحدة تنقسم إلى مجموعة فرق في سنة واحدة.. وليت السلفيين يعترفون بالاختلاف في إطارهم، ويحترمون آداب الاختلاف، لكنهم يفسقون بعضهم بعضها، بل ويكفرون بعضهم بعضا، وأقل الأوصاف التي يتبادلونها لطفا في ما بينهم تكون من قبيل: الشيخ فلان من حديثي الأسنان، فلان وفلتان وعلان سفهاء أغمار، فلان - قصم الله ظهره- مبتدع، علان مميع فاجر في الخصومة، الشيخ فلان وأتباعه جنود إبليس! تجمع السلفيون للإرهاب في سورياوالعراق مثلا، فصاروا جماعات مختلفة متناحرة: تنظيم داعش، جبهة النصرة، عصائب أهل الحق، جماعة أحرار الشام الإسلامية، جماعة لواء التوحيد، جماعة لواء الحق، جماعة جيش الإسلام، جماعة فتح الإسلام، الإخوان، جيش أنصار السنة، كتائب سعد بن أبي وقاص، وغير ذلك كثير، حتى قيل إن جماعات سلفية إرهابية اختلفت فافترقت وتناسلت، حتى بلغ عددها ألف جماعة في سوريا وحدها، ناهيك عن خلاف ثم انقسام وتناحر الجماعات السلفية في ليبيا وفي مصر.. يختلف أيمن الظواهري مع أبو بكر البغدادي فيكفره، ويختلف الجولاني مع أبو بكر البغدادي فيكفره.. السلفيون الدواعش يقولون إن جبهة النصرة مرتدون، والجولاني مرتد، وكلكم يا جبهة النصرة كلاب أهل النار، وجبهة النصرة تقول للدواعش أنتم كلاب أهل النار، وكلاب أهل الدنيا أيضا.. جماعة عصائب أهل الحق، تقاتل جماعة أحرار الشام الإسلامية، وجماعة لواء التوحيد تكفر جماعة لواء الحق.. كل جماعة تقول إن الجماعة الأخرى كلاب أهل النار، ويتقاتل كلاب أهل الدنيا والنار، والكلاب التي يغمزونها هي وحدها المستفيد من دمائهم، والمنعمة بلحومهم، ولحوم المسلمين الذين يقتلونهم في العراقوسوريا وغيرهما.. فإذا كان هذا حالهم مع بعضهم، فلا تستغربوا من حالهم مع غيرهم!