- بوادر صراع جديد بين داعش والقاعدة باتت تلوح في الأفق وسط مبايعة عدد كبير من الخلايا المتشددة في مصر وليبيا للبغدادي - مراقبون يتوقعون تصاعد الخلاف بين القاعدة وداعش خلال الفترة المقبلة أثار التسجيل الصوتي المنسوب لأبي بكر البغدادي، زعيم تنظيم الدولة الاسلامية مؤخّرا، جدلا واسعا داخل الحركات الإسلامية في مصر، خاصة بعد قبوله مبايعة التنظيمات التي أعلنت الانضواء تحت لواء داعش، وإشارته عن إلغاء جميع الحركات بعد اعلان الخلافة المزعومة. كانت المؤسسة المعروفة باسم الفرقان، التابعة للجهاز الإعلامي لتنظيم الدولة الإسلامية، قد بثت (مساء الخميس) تسجيلا صوتيا نسبته إلى البغدادي، زعيم التنظيم، تحدّث فيه عن الحملة الدولية على التنظيم في سورياوالعراق، وقال "إنها من أفشل الحملات". وقال البغدادي في التسجيل المزعوم: "أبشركم قريبا بإعلان تمدد الدولة الإسلامية إلى بلدان مصر والحرمين (السعودية) وليبيا واليمن والجزائر ونبايع من بايعنا في تلك البلدان وعلى كل منهم السمع الطاعة لوليه المكلّف". وأضاف البغدادي، في أول كلمة بعد شائعة مقتله في العراق: "إنه رغم الحملة الصليبية الشرسة ضد جنودنا إلا أنها لم تزد جنودنا إلا تمسكا بمنهجهم والثبات والإصرار"، مشيرا إلى قبول جميع بيعات الجماعات التي تناصره مثل "أنصار بيت المقدس" في مصر و"الجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا"، وأنه يتم بذلك إلغاء جميع الجماعات الإسلامية في البلدان العربية بعد إعلان الخلافة. - مبايعة المزيد: متابعون في مصر لشأن الحركات المتشددة، أكدوا ل"العرب" أن الفترة القادمة، سوف تشهد مبايعة المزيد من الحركات الجهادية لتنظيم داعش، والانضواء تحت لواء البغدادي، وقد وصل الأمر ببعضهم إلى إعلان ذوبان القاعدة الأم خلال شهور معدودة ومبايعة داعش صراحة، في ظل التقدم اللافت الذي يحققه تنظيم الدولة. لكنّ عددا كبيرا منهم لم يستبعد أن يستعر الصراع بين داعش والقاعدة خلال فترة وجيزة، مع التربص الذي يبديه الظواهري للبغدادي، وربما يصل الأمر إلى حدوث عمليات اغتيال بين الطرفين، خاصة من قبل داعش، مع احتمال لجوء تنظيم الدولة لاغتيال زعيم القاعدة أيمن الظواهري. في هذا السياق، أكّد عمرو عبدالمنعم الباحث في شؤون الحركات الجهادية، أن الخلاف بين القاعدة وداعش، بدأ قبل ظهور الأخير بشكل رسمي، لافتا إلى أن الخلاف كان بين قيادات القاعدة حول طريقة تعامل المجموعة التي قادها أبو مصعب الزرقاوي، وهو يعتبر المؤسس الأول لداعش، مع الشيعة وقيامه باستهداف تجمعاتهم ومراقدهم المقدسة. وأضاف عبدالمنعم أن ممارسات الزرقاوي وجماعته دفعت أبو محمد المقدسي، أحد منظري القاعدة والسلفية الجهادية، إلى انتقاد التوسع في قتل الشيعة، باعتباره باب فتنة بين المسلمين، وهو ما استجاب له الزرقاوي وبدأ في تغيير سياسته تجاه الشيعة، لكن بعد مقتله تولّى إدارة المجموعة أبو حمزة المهاجر وأبو عمر البغدادي ثم أبو بكر البغدادي، وكانوا أكثر دموية من الزرقاوي فتجاهلوا دعوة المقدسي، واستأنفوا عملياتهم ضد الشيعة، ثم انتقلوا من العراق إلى سوريا وأعلنوا الخلافة . بعد إعلان الخلافة بدأت داعش تقتل كل من يخالفها، سواء من التيارات الإسلامية أو غيرها بدعوى رفض البيعة للخليفة .هنا أشار الباحث في شؤون الحركات الجهادية إلى أن إعلان الخلافة كان بداية الطلاق بين داعش والقاعدة، حيث رفض الأخير وكل التنظيمات الموالية له، مثل جبهة النصرة، فكرة إعلان الخلافة من جانب واحد دون الرجوع للجماعات الأخرى . والحاصل أن الخلاف عزز قيام داعش بقتل أحد المفتين الشرعيين التابعين للقاعدة في ريف "إدلب"، وذلك بعد 40 يوما فقط من إعلانهم الخلافة، وهو ما اعتبره تنظيم القاعدة خطأ يجب الاعتذار عنه وتقديم الدية عنه، لكن داعش رفض واعتبره "دفاعا عن الدولة الإسلامية". وأشار عبدالمنعم إلى أن تنظيم داعش يعتبر أعضاء القاعدة من المرتدّين وينظر للظواهري على أنه قائد لا يستحق الطاعة، لعدم وجوده في أرض المعركة. - تصاعد الخلاف: حول خطاب البغدادي الأخير، قال عبدالمنعم إنه إعلان صريح بإلغاء الجماعات الإسلامية داخل مصر والجزائر والسعودية، حيث أعلن البغدادي قبول البيعة من الجماعات التي بايعته وألزمها بتغيير اسمها. يذكر أن هناك مبادرة لحل الخلاف بين داعش والقاعدة أطلقتها جبهة النصرة منذ شهر تقريبا، تحت اسم "واعتصموا"، لكن تنظيم داعش رفضها، كما سبق واتفقت جبهة النصرة والجماعات الإسلامية حول من يتحمل مسؤولية الضحايا من الجانبين وشرعية إعلان الخلافة، غير أن داعش رفضها أيضا وقتل شقيقين من جبهة النصرة . كما حاول الظواهري رأب الصدع منذ أكثر من عام وأصدر بيانا أكد فيه "أن البغدادي منا".. لكن الأخير وجماعته لم يهتموا به، بل كتب أحد عناصر داعش موجها كلامه للظواهري "ليتك قتلت يا ظواهري". توقع عبدالمنعم أن يتصاعد الخلاف بين القاعدة وداعش خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن تاريخ الجماعات الجهادية يكشف انتشار الخلاف بين تنظيماتها المختلفة، مستدلا على ذلك بأن 7 من بين الجماعات التي جاهدت في أفغانستان حدث بينها خلاف، وحمل أنصارها السلاح ضدّ بعضهم البعض قبل أن تنجح جماعة الإخوان في توحيدهم مرة أخرى، كما أن الجماعات الجهادية في الشيشان اختلفت قبل أن يوحّدهم الشيخ عبدالله عزام، وهو ما كرّره تلميذه أسامة بن لادن ثانية بعد رحيل عزام. الواقع أن الخلاف سوف يستمر ويتوسع، لأنه عميق بين الطرفين، فكلاهما يكفّر الآخر، وداعش تتعامل بمبدأ "إذا بويع الخليفتان فاقتلوا الآخر".وكان بيان للظواهري صدر أخيرا، أعلن فيه التوسع في الدعوة إلى القاعدة ببلاد الهند، كنوع من الرفض غير المباشر لسياسات داعش، لافتا فيه إلى أن القاعدة "تنظر لداعش على أنها من الخوارج ويصفها بعضهم بعصابة البغدادي". - مبايعة داعش: من جانبه، كشف الداعية السلفي محمد الأباصيري أن هناك ضغوطا شديدة علي أيمن الظواهري، من أجل مبايعة داعش والتنازل عن الولاية للبغدادي، لكنه مازال يرفض حتى الآن، وقال ل"العرب" إن هناك حلاّ وسطا تتم دراسته داخل القاعدة يقضي بتنازل الظواهري عن إمارة التنظيم لناصر الوحيشي أمير القاعدة في بلاد العرب، ويتنازل الأخير للبغدادي، ويحدث اندماج بين كل التنظيمات الجهادية تحت إمارة البغدادي . ولا يستبعد الأباصيري، وهو خبير في شؤون الحركات الجهادية، أن تشهد المرحلة المقبلة اندماج القاعدة تحت لواء داعش، وإذا فشل هذا السيناريو قد تلجأ داعش إلى تصفية الظواهري، حال استمراره في رفض مبايعة البغدادي، متوقعا أن يتم اغتيال الظواهري بيد حراسه، مشيرا إلى أن السبب الرئيسي لمبايعة التنظيمات الجهادية لداعش هو مساعي البغدادي لتوحيد كل التنظيمات الجهادية تحت راية واحدة، وهو ما كان هدفا لأسامة بن لادن الذي سعى لجعل تنظيم القاعدة، كقاعدة لكل الحركات الجهادية . من جانبه، أكّد ناجح إبراهيم الخبير في شؤون الحركات الإسلامية أن العلاقة بين داعش والقاعدة قابلة للصدام والحرب، أينما اجتمع الطرفان حدثت بينهما المعارك، موضحا أن الخلاف بدأ بين القاعدة وداعش بعد سعي الظواهري لحل الخلاف بين جبهة النصرة وداعش داخل سوريا، فأرسل رسولا لوأد الفتنة بين الفصيلين، لكن تنظيم داعش قام بقتل رسول الظواهري. وقال ناجح إبراهيم أن تنظيم داعش يبالغ في تكفير كل المخالفين، وأن التنظيم كفّر الظواهري نفسه بسبب دعمه للأحزاب الإسلامية وجماعة الإخوان، متوقعا أن يصفّي تنظيم القاعدة نفسه بنفسه، بعد أن تحولت لقاعدتين متحاربتين، خاصة أن البغدادي في خطاب الخلافة دعا كل التنظيمات لمبايعته والانضواء تحت لواء الخلافة، قائلا: "الظاهري أعقل من أن يبايع داعش، وهو ما يفتح الباب لتصفيته من قبل الموالين للبغدادي داخل القاعدة". محمد أبو سمرة القيادي في حركة الجهاد الإسلامي في مصر، قال ل"العرب" إن تنظيم القاعدة سيصبح من الماضي خلال شهور معدودة وستعلن قيادته مبايعة الدولة الاسلامية، وأن جميع خلايا القاعدة تتجه لمبايعة داعش، لأنها حققت الكثير من الطموحات التي كانوا يسعون لها . وأشار أبو سمرة إلى أن فكر القاعدة انتهى في ظل وجود تنظيم داعش، خاصة أنه يمتلك حاضنة شعبية في كل من العراقوسوريا، وهو ما تفتقده القاعدة، ولم يستبعد أن تقوم القاعدة وجبهة النصرة بالتنازل لداعش، بعد تقدمه وتوسعه اللافت.