أعلن رئيس الوزراء التونسي الحبيب الصيد أمس الاثنين تشكيلة حكومته الجديدة وهي ائتلاف واسع يهيمن عليه حزب نداء تونس الفائز في الانتخابات التشريعية الأخيرة ويشارك فيه ممثلون عن حزب النهضة الإسلامي. وقال الصيد الذي واجهت تشكيلته الأولى للحكومة انتقادات، "لقد قمنا بتغييرات، هي توسيع تشكيلة الحكومة مع انضمام أحزاب أخرى". وزجت التصريحات المتضاربة لقيادات حركة النهضة الإسلامية حول إشراكها في تركيبة حكومة الحبيب الصيد بالمشهد السياسي في البلاد في حالة غير مسبوقة من التوتر وسط مخاوف سرت في غالبية التونسيين من اضطرار الرئيس الباجي قائد السبسي إلى التخلي عن تعهداته الانتخابية بأنه لن يتحالف مع النهضة. وسارع القيادي في نداء تونس الطيب البكوش إلى التأكيد على أن "المكان الطبيعي للنهضة هو في المعارضة" مشددا على أن النداء سيستميت في "الدفاع عن توجهه بعدم إشراك الحركة الإسلامية". ونظمت "تنسيقية اعتصام باردو" المكونة من أحزاب ديمقراطية علمانية بما فيها حزب نداء تونس الأحد "وقفة احتجاجية" أمام المقر المركزي لحركة نداء تونس بالعاصمة وطالبت ب"عدم إشراك النهضة في الحكومة". وقالت سامية مرابط، أحدى كوادر النداء وهي ترفع العلم التونسي أمام المقر "منحت صوتي لنداء تونس ولم أمنحه للنهضة، لو كنت أرغب في تواجدها في الحكم لمنحتها صوتي، هذه الحركة خطر على الديمقراطية وعلى حرية المرأة وهي خطر على حكومة الصيد، لقد تأسس النداء من أجل مواجهة الإسلاميين ولذلك منحه التونسيون أصواتهم، إنها خيانة للناخبين إدا أسندت حقيبة واحدة لوزير نهضوي". ودعا عضو المجلس الوطني للنداء رياض عزيّز رئيس الحكومة المكلف الحبيب الصيد إلى عدم إشراك النهضة بعد فشلها في تسيير شؤون البلاد، قائلا "لا نريد تكرار تجربة حكم الترويكا بقيادة النهضة التي لم يجن منها التونسيون سوى الأزمات". وطالب حسام الحامي عضو تنسيقية اعتصام باردو إثر الوقفة الاحتجاجية المكتب السياسي للحركة بان "يضغط على الحبيب الصيد بعدم إشراك النهضة بعد أن أثبتت فشلها في إدارة شؤون البلاد لمدة ثلاث سنوات". وتصاعدت موجة الاحتقان السياسي في أعقاب تصريح أدلى به راشد الغنوشي لوسائل الإعلام إثر لقاء جمعه بالصيد قال فيه "النهضة ستشارك في الحكومة.. الأفق يبدو جيدا" ما دفع بقيادات نداء تونس وخاصة قيادات التيار النقابي اليساري الذي يقوده الطيب البكوش إلى تكثيف جهودها مستميتة في الدفاع عن موقفها بعدم إشراك النهضة في الحكومة لاعتبارات مبدئية وسياسية وبرامجية. وأكد البكوش الأحد أمام العشرات من المحتجين على إشراك النهضة أمام مقر النداء بمنطقة البحيرة بتونس العاصمة أن "حركة نداء تونس ستدافع عن توجهها القاضي بعدم مشاركة النهضة في الحكومة الجديدة" مشددا على "ضرورة أن يتواجد حزب حركة النهضة في صفوف المعارضة مرجحا هذه الإمكانية". وتعاطت حركة النهضة مع موجة الاحتقان بخطاب مزدوج، إذ قال الناطق الرسمي باسم الحركة زياد العذاري في اليوم الذي صرح فيه الغنوشي بأن النهضة ستشارك في الحكومة "إن رئيس الحركة راشد الغنوشي لم يصرح بما يفيد مشاركة النهضة في تركيبة الحكومة الجديدة من عدمها بعد لقائه رئيس الحكومة المكلف وذلك على عكس ما تداولته بعض وسائل الإعلام". وذهب العذاري إلى أبعد من ذلك حين شدد في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء على أن رئيس الحكومة المكلف هو الذي سيقرر ويعلن عن الأحزاب المشاركة في تركيبة حكومته، مضيفا "لا يمكننا من جهتنا أن نؤكد مشاركة حركة النهضة من عدمها في الحكومة الجديدة". وسعت حركة النهضة إلى استغلال تأثير وسائل الإعلام على الرأي العام لتروج إلى أن الحركة معطى ثابت في المشهد السياسي ومن مصلحة البلاد أن تشارك التركيبة الجديدة للحكومة، في محاولة للضغط على نداء تونس.