لغة الكراهية التي تنمو الآن بين الناس خاصة من يسمون أنفسهم النخبة علامة خطيرة لكارثة حقيقية في انتظار اليمن واليمنيين. لغة الرفض الوجودي التي تطلقها كل جماعة ضد الأخرى ستقود المجتمع إلى حرب أهلية عرقية طائفية لن تبقي ولن تذر، المشكلة أن كل طرف يستخدم هذه التهم في اللحظة التي يقدم نفسه كمخلص لليمن أو كبديل محتمل يمكن أن يقود البلاد إلى المربعات الآمنة. صحفيو وإعلاميو طرف يصفون الآخرين بأنهم دواعش وقاعدة وإرهابيون وتكفيريون وعملاء وخونة في اللحظة التي يقدم نفسه بلباس المنقذ للشعب بينما هؤلاء الخصوم يمثلون شريحة كبيرة من الشعب ويستحيل القضاء عليهم كما هو من الصعب جدا إثبات هذه التهم ضدهم. وبالمقابل يرد هؤلاء باتهام خصمهم بالعمالة للخارج والشرك بالله والمجوسية ويخرجونهم من ملة الإسلام ويحذرون المجتمع منهم معتبرين إياهم كارثة ساحقة ماحقة إذا ما تمكنت من السلطة فستحول الناس إلى عبيد وتسلبهم حقهم في الحرية والعيش الكريم، لكنهم في نفس الوقت لم يستطيعوا التخلص منهم أو اجتثاثهم لأنهم يمثلون شريحة كبيرة من شرائح المجتمع اليمني. لغة الحقد ومحاولة إعدام الآخر أو شيطنته لم تعد مقتصرة على المتشددين الدينيين من هذا الطرف أو ذاك، وبقليل من الوعي والحصار الإعلامي والفكري تستطيع الحد منها وتجاوزها، لقد أصبحت لغة المثقفين والإعلاميين والناشطين والحقوقيين وأرباب الرأي والكلمة. كل يتاجر بها في سوق الصراعات الإقليمية الطائفية النتنة ناسياً أو متناسياً أن نيران هذا الصراع إذا ما شبت فلن تستثني أحداً وستطالهم حتى لو كانوا يشبونها من أبراج الدوحة وطهران وأسطنبول والقاهرة وبيروت. يفعلون ذلك رغم إدراكهم التام أن لا طرف يمتلك القدرة على إخراج الآخر من البلد أو من المعادلة السياسية أو حتى من المشهد بشكل عام، لكنهم يفعلون ذلك من أجل مصالح شخصية زائلة سريعا. اليمن بلد الجميع وليس لأحد الحق فيه دون الآخر، وإذا لم يحتكم الكل إلى قانون تخضع له جميع الطوائف والأحزاب والجماعات والقبائل فسيكون البديل حالة خراب ودمار وتشظٍّ وانهيار للبلد والدولة والمجتمع اليمني الموجوع من جميع مكوناته السياسية والدينية والقبلية ومن جيرانه الأوغاد.