"إن مع العسر يسرا"، ونِعمَ بالله، فمع الأزمة المعقدة المركبة- بغباء سياسي يعز نظيره- اختلط فيها انعدام الوقود والغاز مع انقطاع الكهرباء على نضوب المياه. ومع تدافع المواطنين على "ما تيسَّر" في الطرق والشوارع من وسائل المواصلات مقدمين صورة يمنية لمصر المصغرة. مع فارق سبب الزحام في مصر وهو: تكاثر السكان، وفي اليمن: تكاثر الأزمات! ودون أن يُلهينا تكاثرُ الأزمات وعسرُها، هدانا الله- وهو وحده الهادي إلى سواءِ السبيل- بمشيئته عز وعلا، و"يسَّر" لنا الانخراط في ما عُرف "المدرسة المشائية" التي انتهجها الفيلسوف اليوناني أرسطو، إذ كان يعلم تلامذته ويحاورهم أثناء المشي. فبفضل الساسة الطيبين الحريصين على وحدة وأمن واستقرار اليمن والمنطقة والعالم والفضاء الخارجي، صار اليمنيون يمشون على أقدامهم؛ وإن على طريقة "قلْ كلمتك وامش". بعض المواطنين لشديد الأسف، يمشي وهو يقول كلمةً تبوء بإثم مسببي هذا "العُسر"، فيخففون عن المتسببين آثامهم.. بيد أن الناس يعبرون الشوارع في يُسر، مطمئنين إلى ندرة سير السيارات بعدما خوت الشوارع على "إسفلتها" من الحركة الاعتيادية، واعتلاها الجمود المريب على جنبات الطرقات، انتظاراً لامتلاء محطات الوقود والغاز بمخزون لم يقرر قطاع الطرق وتجار الأزمات موعد وصولها بعد، لتعقبها حركة السيارات وشلل السوق السوداء! لا بأس، إنما تحت ظل هذه الأوضاع، تذكروا أن: المشي نعمةٌ فاحرسوها، والركوب نقمةٌ فاجتنبوها. وأن للمشي فلسفة. والفلسفة تعني: حب الحكمة. فتفلسفوا أي "أحبوا الحكمة" أحبكم الله. وامشوا ذاكرين فوائد المشي حرصاً على صحتكم وتطويلاً لأعماركم. لعل أكبر فائدة هي ترويض أقدامكم المرفهة والرافلة في أفخر أنواع السيارات بحكم السياسات الرشيدة التي وفرت لكلِّ مواطن ومواطنة كلَّ أسباب الرفاه والترف! ولا تعدوه تحقيقاً للمثل السائر "يا متنعِّم من أول زمانك سهمك من الهم باقي"! المرجو ألَّا ترهقوا أذهانكم وألسنتكم بذِكرِ من لم يذكروكم ولم يفكروا في ما يحل بكم من عواقب سوء أعمالهم وأطماعهم، اتركوهم لضمائرهم، إن بقي أثرٌ لضمير.