بررت الأسرة السعودية عدوانها الغاشم على اليمن بمزاعمها عن إنقاذ اليمن بهذا العدوان من فاشية الميليشيات الحوثية والنفوذ الإيراني، وبررته أيضاً بمزاعمها عن حماية أمن الخليج من خطر التهديد القادم من تزايد نفوذ إيران في اليمن. وبعد سبعين يوماً من العدوان, تدل كل المعطيات الظاهرة والخفية على نتائج مناقضة ومخالفة لما أرادته السعودية بهذا العدوان, فالحقيقة القائمة على الواقع قاطعة في دلالتها على أن السعودية قد فقدت وإلى الأبد ما كان لها من وصاية على اليمن, ولم يبق أمامها سوى القبول بنفوذ محدود ومشروط بقبول إيران وحلفائها. هذه الأخطاء القاتلة في حسابات الأسرة السعودية وقع فيها أيضاً أذنابها الذين توهموا أن العدوان السعودي سوف يخلصهم من أنصار الله والرئيس السابق, ليكتشفوا بعد العدوان خلاف ما توهموه حيث خرج تحالف الحوثي- عفاش من العدوان قوة مكافئة لهم جميعاً في القتال وفي طاولة الحوار, ولم يكسبوا سوى عار العمالة وخزي الخيانة. ليست المسألة في الأخطاء القاتلة لحسابات السعودية أو مؤيدي عدوانها مسألة خطأ في التقدير بقدر ما هي خطيئة في القيم والمبادئ, فقد كان بمقدور السعودية شراء ود اليمن وأهله بقدر ضئيل من ضخامة تكاليف العدوان, لو أنها أرادت الخير لنفسها وغيرها وسعت إليه بالمعروف والإحسان, كما كان بمقدور أذنابها تحقيق مكاسب وطنية في نضالها السلمي بمواجهة استخدام الحوثيين للقوة لتحقيق أهداف سياسية, ولكنها وقعت في مستنقع الاقتتال الأهلي وتأييد العدوان السعودي. ولقد كشف العدوان أن إيران أقوى في اليمن من السعودية التي تقاتل بنفسها دعماً لحلفاء مهزومين وهاربين إليها وعاجزين بقوتهم الذاتية، بينما يقاتل أعداء السعودية في الميدان ويتصدون للعدوان بغير إسناد أو دعم من حليف أو صديق وهكذا تجد السعودية نفسها في مواجهة واقع يجعل من حلفائها عبئاً وعالة عليها مقابل قوى لا تحتاج في مواجهة السعودية إلى حليف أو نصير. ربما تدرك السعودية أن سياسة إفساد الضمائر وشراء الذمم التي اتبعتها لخلق الحلفاء وضمان الولاء لها هي التي جعلت من حلفائها عالة عليها, وقوة مستعبدة للمال ومحكومة به, ولا خير منهم يأتي الأسياد, فما حاجة السعودية إلى من لا خير فيه, وهل بإمكانها نفع حلفاء لا ينفعون أنفسهم ولا يقدرون على شيء أبداً؟!