حصد إعلام العدوان السعودي الخيبات في حربه على اليمن على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، كما اضطر إلى وقف المؤتمر الصحافي اليومي للناطق العسكري للعدوان العميد أحمد العسيري. وظهرت الكثير من وسائل إعلام العدوان الممولة في الخليج، بأسوأ حالاتها في نقل أحداث المعارك، وأسهبت في الإعلان عن انتصارات أثبتت الأحداث أن لا أساس لها في واقع الأمر. وكرر الناطق العسكري العسيري إعلانه عن مقتل كلٍّ من الرئيس السابق علي عبد الله صالح وزعيم حركة "أنصار الله" السيد عبد الملك الحوثي، ما ساهم في سقوط هذا الإعلام في مستنقع الإسفاف والابتذال الصادم لمتابعي مؤتمرات العسيري. وقال المحلل السياسي علي جاحز ل"راصد اليمن" إن "معظم وسائل إعلام العدوان اعتمدت على مراسلين مؤدلجين وغدت عملية تغطيتها للعدوان على اليمن مادة للتندر والسخرية في شبكات التواصل الاجتماعي و(مقايل) الساسة وأحاديث الإعلاميين ." ولفت إلى أن مليارات الدولارات التي تنفق على تلك الوسائل لم تنجح في أحيان كثيرة في تنفيذ مهمتها بغض النظر عن مشروعية الوسائل التي استخدمتها. وأضاف جاحز: "لو كان العدوان السعودي يثق بمصداقية إعلامه لما عمد إلى إغلاق قنوات محلية كقناة "المسيرة" الناطقة باسم حركة "أنصار الله"، وقناة "اليمن اليوم"، واللتين كانتا تقدمان الكثير من الحقائق حول العدوان وتفندا أكاذيبه تجاه سير الأحداث ". وأوقف القمر الصناعي "نايل سات" بث العديد من الفضائيات اليمنية، ضمن خطة للعدوان السعودي تستهدف عدم معرفة مواطنيه بما يدور من أحداث على جبهات المعارك. ورغم إصدار القضاء المصري الخميس الماضي، أحكاماً بعدم أحقيه العدوان في إغلاق تلك القنوات، إلا أن الحكم لم يجد طريقه إلى التنفيذ بسبب النفوذ السعودي على مصر . واتخذت وسائل إعلام العدوان السعودي من الإشاعات وتضخيم الأحداث العنوان البارز في عملها، ولعل إعلانها ليلة السبت الفائت عن مقتل وجرح العشرات في انفجار عبوة ناسفة بجوار تقاطع "آية" كان بمثابة الدليل الواضح على فشلها . ولم تمر سوى ساعة واحدة ليكشف مسؤول عسكري يمني بأن حادث الانفجار لم يتسبب حتى في جرح أحد، وإنما أدى إلى تدمير سيارة كانت تربض عند التقاطع. وردد إعلام العدوان "فزاعة" القيام بعمل عسكري بري بعد فشل الطيران في مهمته استهداف الصواريخ البالستية، ليكون الجواب من الجانب اليمني إطلاق وابل من صواريخ "سكود" أدى أحدها إلى مقتل قائد القوات الجوية السعودية حسب تصريحات لمسؤولين إسرائيليين نقلتها وسائل إعلامية مختلفة. وقال العقيد شرف لقمان الناطق للقوات المسلحة اليمنية، إن "ادعاء العدو السعودي بإزالة وتدمير خطر الأسلحة الاستراتيجية مجرد أكاذيب وهي أكبر مغالطة في التاريخ العسكري للمنطقة " وأثبتت التطورات الميدانية والتعامل مع المستجدات وصناعة الانتصارات الوهمية أن الكذب صناعة يتقنها إعلام العدوان بشكل مفضوح، وغدت محل سخرية مواطني دول الخليج المشاركة في العدوان إثر نشرهم رسوم "كاريكاتورية" تجسد حالة هستيريا إعلام بلدانها. ويستخدم إعلام العدوان شماعة التمدد الإيراني في اليمن مادة خصبة كغطاء لهجماته وعدوانه المتكرر الذي طال الأرض اليمنية ولم يطل شبراً واحداً في إيران، مع أن الكثير من السياسيين الخليجيين أشاروا إلى أن النفوذ الإيراني محدود في بلاد اليمن السعيد. ومع بداية العملية العسكرية التي شنتها دول التحالف على اليمن، كرر إعلام هذه الدول الحديث عن القبض على عقيد إيراني بمدينة عدنجنوب البلاد، ليعطي بذلك شرعية للتدخل، في حين أن مسؤولين يمنيين أكدوا أن السفير الإيراني ذاته غير متواجد في صنعاء منذ اندلاع الأحداث. وتعليقاً على اتهام إيران بالتدخل في اليمن، قال صلاح العزي، أحد أعضاء حركة "أنصار الله"، ل"راصد اليمن" متهكّماً: إن "قناة وصال إيرانية، والانتحاريين في المساجد والأسواق هم من الإيرانيين، وداعش إيرانية، وتنظيم القاعدة إيراني". وأضاف: "الطائرات التي تقتل أطفال اليمنإيرانية، والأسلحة التي تمطرها السماء إيرانية، والحصار الجوي والبحري على اليمنإيراني". وتابع: "لم يبق إلا أن يقولوا أن عايض القرني وعبدالمجيد الزنداني ويحيى الحجوري ومحمد العريفي، كلهم إيرانيون، وإن الرياض هي عاصمة إيران ". وبعد دخول العدوان يومه الخامس والتسعين، وفشله في تحقيق أية انتصارات، عمد إعلام العدوان إلى الترويج لزحف تشنه قبائل مأرب على العاصمة صنعاء، وهي أسطوانة لم تعد تسعف أصحابها في تغطية هزائمهم على كل الجبهات، وتقهقر أدواتهم في مأرب ذاتها في ظل تقدم مستمر يحرزه الجيش واللجان الشعبية. ويتوقع خبراء عسكريون أن تسقط محافظة مأرب، شمال شرق اليمن والقريبة من الحدود السعودية، خلال الأيام القليلة القادمة بيد قوات الجيش واللجان الشعبية. وستكون بذلك مأرب المحافظة الثانية بعد محافظة الجوف التي يتهيأ الجيش واللجان لاستعادتها، مما تسبب في تكثيف العدوان غاراته الجوية خلال اليومين الماضيين على تلك المحافظتين. وخلاصة القول أن تغطية إعلام العدوان على اليمن تجاوز مفهوم الإعلام، الذي يقضي بمواكبة الأحداث، ليتحول إلى منصة لإدارة العدوان، وغرفة عمليات لرصد بنك الغارات ووضع قائمة بأبرز المطلوبين وأهم الأهداف التي ينبغي ضربها، من دون الاكتراث بالأبرياء والمدنيين، فضلاً عن التبرير للجرائم التي ترتكب بحق اليمن واليمنيين.