"سياستنا أن يقاتل اليمني اليمني داخل الأراضي اليمنية ونحن ندفع المال، أما أن يكون القتال بين يمني وسعودي وفي الأراضي السعودية فهو ما يجب وقفه فورا وبأي ثمن". هذه العبارة تنسب للأمير سلطان بن عبدالعزيز عندما قطع إجازته المرضية وعاد من المغرب ليوقف العمليات العسكرية التي شنتها المملكة على منطقة صعدة عام 2009م، وبغض النظر عن مدى صحة نسبة العبارة إلى الأمير سلطان الذي كان لعقود هو المسؤول عن ملف العلاقات السعودية اليمنية؛ فإن الواقع يؤكد أن هذه العبارة هي أدق ما يمكن به وصف حقيقة السياسة التي انتهجتها المملكة تجاه اليمن منذ اتفاق الطائف في ثلاثينيات القرن الماضي، وهي حصافة بمعيار اللؤم السياسي افتقر إليها صبية الأسرة السعودية الممسكين بمقاليد الحكم في المملكة اليوم عندما اتخذوا قرار العدوان على اليمن منفقين على إشعال نار حرب مفتوحة في أطول حدود المملكة أضعاف أضعاف ما أنفقه الأمير سلطان لإخماد فتيلها عام 2009م. تصريحات المتحدث باسم قوات تحالف العدوان الأخيرة التي تختزل كل أهداف الحرب التي سبق الإعلان عنها وحصرها فقط في السيطرة على عدن وتأمين عودة هادي وحكومته من الرياض إليها توضح أن المملكة في معركة عدن التي جعلت واجهتها الإمارات العربية المتحدة تحاول بعد أن دخلت الحرب شهرها الخامس أن تنسحب مجددا إلى مربع لؤم الأمير سلطان بعد أن أهدرت الكثير على تحالف العدوان وغارات الغطرسة الفاشلة. ليس عسيرا على الأمير محمد بن نايف أن يكتشف أن دخول المملكة التي يحكمها اليوم في حرب طويلة الأمد مع جارتها مهما كانت فقيرة هو أمر ليس في صالحها بحال من الأحوال ويدرك أن اللؤم السياسي لعمه الراحل سلطان كان أفضل على قذارته بكثير من ورطة العدوان المباشر على اليمن التي أوقع فيها المملكة باتخاذ قرار الحرب، ولذلك يحاول بعقليته الأمنية من خلال معركة عدن أن يحكم السيطرة على مساحة جغرافية يمكن أن يعيد إليها بعض مرتزقته من ضيوف الرياض الثقلاء؛ ليقودوا من عدن حربا أهلية تحت رايات الطائفية والمناطقية التي نسجها مشايخ المؤسسة الدينية السعودية وترسانتها الإعلامية يقتصر فيها دور المملكة على تمويل حرب اليمني على اليمني في الأرض اليمنية الذي لن يكلف خزانة المملكة غير حفنة يسيرة من التكاليف الباهظة للحرب المباشرة ونفقات تحالف العدوان، وبذلك تكون المملكة قد أقامت المحرقة المناسبة لمقدرات اليمن القتالية التي تتجه اليوم إلى حدودها طالبة للثأر بطرق مختلفة. انسحاب المملكة إلى مربع الخبث السلطاني يحتاج إلى عودة العلاقة بين البلدين إلى مرحلة الوئام الظاهري قبل العدوان ونجاح إشعال حرب أهلية طويلة الأمد يحتاج إلى استمرار العدوان في استمرار الغارات لدعم حلفائها في الداخل الذين سيسحقون فور توقفها وبالتالي فإن معركة عدن محاولة انسحاب فاشلة من معركة فاشلة، وما لم يملك حكام المملكة الجرأة الكافية على الاعتراف بفداحة قرار الحرب ويعلنوا وقف العدوان واستعدادهم لتحمل آثاره فلن تستطيع المملكة أن تنسحب بعيدا عن جحيم الحرب بالوكالة، ولن يتأتى لمحمد بن نايف أن يمارس في اليمن سياسة عمه سلطان أبداً.