أخيرا السعودية جادة في إيجاد حل سياسي, لكن هل يبدو ا?مر كذلك فعلا? في مؤتمر صحافي بالرياض, عقب مباحثات أجراها مع الملك سلمان, ا?ربعاء الفائت, قال وزير الخارجية البريطاني, فيليب هاموند:"نلاحظ أن المرحلة العسكرية في هذه الحملة تقترب من نهايتها لأنه بات لقوات التحالف موقع عسكري مهيمنا في البلد". بدا الوزير البريطاني وكأن بلاده هي من أعطت شارة بدء عاصفة الحزم, لكن بقي أن نفهم تفصيلا صغيرا; من قصد بالضبط بالقوة العسكرية المهيمنة في البلد? بالنسبة إلى الشمال فسيطرة قوات الجيش والحوثيين شبه كاملة, وبالنسبة إلى الجنوب, وإذا كان هناك طرف مهيمن دون سواه, وباعتراف مسؤولين ووسائل إعلام سعودية وغربية, فطرف داعش والقاعدة هو المهيمن فعلا, في عدنوحضرموت على أقل تقدير. الشواهد كثيرة, ومؤخرا, أصدرت سلطة عدن الموالية للسعودية قرار بتشكيل "مجلس حكماء" لإدارة عدن? وما الذي تفعله السلطة إذن لتصدر قرار كهذا? حصل مثل هذا من قبل, وتحت مسمى "المجلس الأهلي السني" لإدارة حضرموت, وبإطلالة سريعة على قوام هذين الكيانين, نجد أسماء يؤلف مع بعضها البعض الخلطة التقليدية لداعش والقاعدة, إخوان مسلمون وسلفيون جهاديون وأعضاء من حزب التحرير وجماعة الدعوة والتبليغ... إلخ; هل هؤلاء من عناهم تصريح الدبلوماسي البريطاني? على الأرجح نعم, وتجارب الماضي القريب والبعيد تؤكد ذلك, وبصياغة أكثر دقة, هو عنى هيمنة مصالح بلاده الاستراتيجية ليس على اليمن بأكمله, بل على عدنوحضرموت فقط, وبقية الجنوب مجرد حواشي ومناطق حماية وتأمين لا أكثر, إنه الجنوب البريطاني الهوى. عاصفة الحزم ليست تحالفا عربيا, بل حلف ناتو في نسخته العربية. إنها انحدار من خطة أسمى بها الصهيوني برنارد ليفي, كتابا له إبان الربيع العربي "الحرب من دون أن نكرهها", برنارد ليفي هذا أقر بفخر أنه كتب شخصيا خطابات رئيس المجلس الانتقالي الليبي, الإخواني مصطفى عبدالجليل. أينما يصطف الإسلامويون, هناك حتما مصلحة بريطانية أمريكية مشتركة, هاتوا لي مثالا واحدا بخلاف ذلك, في ليبيا ومصر وسوريا والعراق واليمن... أفغانستان الشيشان نيجيرياماليالصومال... حرب 94 وتأييد حق تقرير مصير الجنوب 2014... وصفهم للسادات بالرئيس المؤمن ومن ثم اغتياله من بعد, كره عبدالناصر ومحاولة اغتياله أكثر من مرة... حبهم لقطر وتركيا... الخ. لندرك ذلك, أصغوا جيدا إلى ما نقلته صحيفة فورين بوليسي عن دبلوماسي في وزارة الخارجية الأمريكية بأن الوضع في اليمن بات يسبب إحراجا للولايات المتحدة التي "ساعدت الحملة السعودية بالدعم اللوجيستي والإستخباراتي والدعم السياسي", إذن من الذي بلا ذرة حياء وخجل بعد هذا? سلموا عدنوحضرموت لداعش, ويشترطون ضمانات على انسحاب الجيش والحوثيين وتسليم السلاح قبل بدء المفاوضات, الأمر أشبه باشتهاء متمنع, أو "خاور ومستحي" بالعامية. الإسلامويون يوفرون الحافز لاستساغة الاحتلال, وبالتالي وضع أجندات بريطانيا على خط التنفيذ السريع, كما لو أنهم ينقلون رسالة "اسمحوا لي باحتلالكم" من دون أن تنطق بريطانيا بكلمة واحدة, والربيع العربي شاهد حي على ذلك.