سألني يوم أمس صديق في المقيل عما إذا كانت جريمة باريس ستسفر عن تداعيات ونتائج تشبه ما أسفرت عنه احداث11سبتمبر في أمريكا؟ وأجبته بالنفي ظنا مني بأن اللعبة القادمة ستكون أوروبية لا عربية.. وسواء أكنت محقا أم لم أكن، فإنني كنت محقا في المساء حين هاتفتني قارئة لا أعرفها لتسألني رأيي عن مكسب العرب في جريمة كهذه، فقد أجبت صادقا بأن العربي المستفيد الوحيد من هذه الأحداث هو أنا شخصيا، وسألت لماذا؟ فقلت لأنها تسببت في دفع قارئة للاتصال بي في زمن لا نسمع فيه غير الرجال، وحمران العيون فقط.. والواقع أن هذه الأخت الكريمة فتحت باباً لأسئلة ساخنة، أبرزها من هو المستفيد حقا من أحداث باريس؟ وللبحث بعد شطر إجابة علينا أولا استبعاد المسالة العقائدية والفكرية من هذا العمل حتى مع افتراض أن الإرهاب الديني بقواعده ودواعشه خلف الحادث.. لأن هؤلاء كان بوسعهم التوجه نحو أندية باريس الأكثر إغراء للباعث الفكري وأما أكثر نوادي العراة والمخلسين في هذه المدينة وغيرها في فرنسا.. وعليه فأقرب الاحتمالات أن الرسالة الدموية هذه سياسية محشوة بتبغ فرجينيا الحاقد على الحضارات والرقي والأدب والفن العريق، وهكذا استهدف ساعي البريد المسرح لأنه يفتقر إلى مخزون فرنسا الثقافي والفكري. أرادت أمريكا وهي صاحبة المكسب خلف هذا الحدث أن تجر أوروبا من خلال النقطة الأكثر عراقة ورقيا إلى ساحة المواجهة مع روسيا في العمق السوري.. وكسب حلفاً لها بمواجهة تحرك موسكو المحرج لواشنطن في الشام.. وكانت أكذوبة الجواز السوري الذي وجد مع الانتحاريين إحدى وسائل واشنطن في الكيد والتضليل.. والفرنسيون يعرفون جيدا ميل أمريكا للسخرية من باريس والتهكم عليها منذ زمن وكان الرئيس الفرنسي السابق فرانسوه متران موفقا حين وجه لواشنطن رسالة في نهاية حكمه من ظهر غواصة حربية نووية.. الأمريكان وأنا المستفيدون من أحداث باريس مهما ادعينا عكس ذلك.