مضى العمر النبيل يا إخوتي وأنا شامخ الهامة كلما سألني أحد من أبناء وطني من أين أنت؟ قلت: من تعز.. وأحس أن حروف الإجابة ترسم هالة من الإكبار في نفس من يسألني وأحس بسمو نفسي وكمال آدميتي في مواجهة الجميع. ثم جاءت سنوات الذل والمهانة والسقوط الكبير منذ بداية هذا العقد العبري الأرعن فأصبحْتُ كلما سئلت نفس السؤال طأطأت رأسي وأحسست بالصغار وخرجت الحروف منكسة الرؤوس يلعن بعضها بعضا ويكاد يتبرأ بعضها من بعض. من يصدق تعز أن من صنع هذه الرذائل ونسبها إليها هم قطيع من الكلاب المسعورة التي لعقت الدم الآدمي فلم تزل تبحث عن ضحاياها لتشبع نهمها وترضي هذا السعار. ليست تعز التي باعت وتبيع وجهها لنفط الخليج وخنازير الغرب لتحرق نفسها وتقتل بنيها؛ من يفعل ذلك هم تلك الثلة التي تبحث عن السلطة والمال ولا يرضيها غير الدم. ليس أبناء تعز الذين يتمنطقون بالمتفجرات والقنابل ويخرجون للشوارع مدججين بالأسلحة فيقتلون الناس ليروعونهم ويتركون دورهم ومتاجرهم نهبا لهذه العصابات اللعينة. ليس أبناء تعز الذين يتمترسون بالنساء والأطفال ويطلقون صيحاتهم عبر كل وسائل الرذيلة والإفك والتزوير أنهم محاصرون. ليسوا هم الذين يقطعون رؤوس البشر ويخلسون جلودهم ويحطمون جماجمهم ويشيعون فاحشة القول والزور والبهتان لتبرير وحشيتهم. ليسوا هم الذين ينهبون المؤسسات والبنوك والمنازل ويقطعون الطريق ويأخذون أموال الناس بالباطل.. من يفعل ذلك هم مقاولو حرب ومصاصو دماء وأكلة السحت لا ينامون إلا على رذيلة الفعل الحرام. تعز لم تسافر إلى الرياض لتشكر سلمان على غزوه اليمن ولم تفتح ذراعيها لتتلقف عطايا آل سعود من مال وسلاح تلقيها طائراتهم لتفجرها في وجه أهلي وعشيرتي. تعز هي أمي وأختي المحاصرتان وهي كل أهلي لا تستطيع أن تطل من النافذة فيقنصها مسترزق عربيد أو تقتلها قذيفة بربرية كتلك التي قتلت ابنة أختي الشهيدة وجنينها معها في مخدعها. تعز هم فتية جمعوا ما بقي من متاعهم وباعوه لكي يحصلوا على سلاح يواجهون به الجنجويد والكولومبيين وقواديهم من المسترزقين ممن برئت منهم الكرامة الآدمية والنخوة اليمانية والشموخ التعزي. لا تظلموا تعز يا كل اليمانيين فتعز هي التي تسكنكم وتسكنونها وليست كل دعاوى هادي ومأجوري سلمان من الجواري والغلمان. الحق أقول لكم فصدقوني.