استماتة العدو في معركة نهم وتركيز ترسانته الإعلامية عليها، وبث الشائعات في قنواته بأن قيادات الجبهة الداخلية تقوم بإعداد جوازات سفر للفرار إلى إيران ونحوه، يوحي كله للوهلة الأولى بأن العدو بشائعاته يريد خلخلة الجبهة المدافعة والسيطرة على المنفذ الشرقي للعاصمة، تمهيداً لدخولها قبل انعقاد جلسة مجلس الأمن بخصوص اليمن التي دعت إليها روسيا، وهذا ما حاول الكاتب السعودي الذي كان مقرباً جمال خاشقي، أن يوحي لنا به أيضاً في مقاله الأخير بقوله "إن موعد الجلسة لن يأتي إلَّا وقد حسمنا أمورنا في اليمن". دخول العاصمة صنعاء الذي كان الأمل الدافع للمملكة بشن عدوانها قبل عشرة أشهر، لم يعد اليوم ضمن سقف طموح العته الملكي، وإن كانت بالتأكيد لا تمانع من حدوثه، وإنما أصبحت نهم هي غاية ما في حساب المملكة السيطرة عليها قبل جلسة مجلس الأمن. تعرف المملكة، أو على الأقل، تعرف الولاياتالمتحدة أن دخول صنعاء أصعب بكثير من اجتياح سهل تهامة الذي فشلت في اجتياحه من الشمال والجنوب، وأن دخول صنعاء -لو حدث- يعني فقط تعطيل ميزة تفوقها الجوي، وتحييد طائراتها عن المعركة، ما يعني إدخال قواتها ومرتزقتها إلى محرقة ليس إلَّا. معركة نهم والحرب الإعلامية ليست جزءاً من معركة صنعاء، وإنما محاولة لإيجاد النقطة التي تعتقد المملكة أن الوقوف عندها مناسب للدخول في مفاوضات. تحتاج المملكة اليوم لإيقاف دولاب الخسائر المستمرة لهذه الحرب التي اشترتها بملياراتها، وأكبر مكسب يمكن أن تحققه مستقبلاً من هذه الحرب هو الإسراع في وقفها، ويبدو أن العمل على ذلك هو المساعدة الوحيدة المتبقية من الولاياتالمتحدة وبقية حلفاء المملكة الغربيين الممكن تقديمها للمملكة، أو التي ستفرض على المملكة، منعاً لخسارة المزيد من البيادق على رقعة الشرق الأوسط الجديد، لصالح الدب والتنين.