يواجه الاقتصاد اليمني كارثة غير مسبوقة جراء الانهيار المفاجئ للعملة المحلية (الريال) مقابل العملات الأجنبية وما تبعه من زيادة سعرية في المواد الغذائية والوقود. الأزمة بدأت إرهاصاتها مع أجندة فوضى ما يسمى (الربيع العربي) عام 2011م وصولاً إلى العدوان السعودي المتواصل، ذات الصلة بالوحدة اليمنية التي لم يدخر نظام آل سعود جهوداً لتمزيقها. وفي المقابل، يحتفل الشعب اليمني بعد أيام قليلة بالعيد الوطني ال26 لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990م، وبحلول هذه الذكرى تتجدد تلك الأيام المشرقة التي صنعها اليمنيون في لحظات فارقة ومؤثرة سيظل يكتبها التاريخ بأحرف من نور كأهم منجز قومي في تاريخ العرب الحديث وشاهد حي على تلاقي أيدي أبناء سبأ من جديد. ومن رحم تلك اللحظة انبلج زمنُ اليمن الموحد الجديد، مبددا بنور الوحدة ظلام الماضي التشطيري البغيض، ومنهياً وإلى الأبد عقوداً من الفرقة والتمزق المصطنعة والتي تعد أحد أهم موروثات حكمي الإمامة في الشمال والاستعمار البريطاني في الجنوب قبل أن تقضي على عهديهما الثورة اليمنية (26 سبتمبر 1962 و14 أكتوبر 1963) وتضع إعادة تحقيق الوطن اليمني في صدارة أهدافها المباركة. من التعثر إلى النمو استطاعت الدولة اليمنية الفتية تجاوز أوضاع اقتصادية حرجة، من خلال تبني منظومة متكاملة للإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية والقضائية منذ العام 1995م لتتمكن الحكومات المتعاقبة في سنوات تعد قياسية من زيادة معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى حوالي 7.2 بالمائة عام 2010، بعد أن كان سالب 1.4 مطلع التسعينيات، وتخفيض معدلات البطالة من 33 بالمائة إلى 15 بالمائة عام 2009م وتراجع معدل النمو السكاني من أكثر من 3.7 إلى أدنى من 3.2 . أما نصيب الفرد من الناتج القومي باعتباره من أهم المؤشرات الدالة على مستوى الرفاه في المجتمع، فخلال فترة العقدين الماضيين شهد نصيب الفرد من الدخل القومي زيادة هامة وكبيرة ليرتفع من 661 دولاراً عام 1991 إلى 1261 دولاراً عام 2009 حسب بيانات رسمية. وبحسب آخر الإحصاءات الحكومية فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي من (80.4) مليار ريال يمني عام 90م ليصل إلى 5.7 تريليون ريال عام 2009م، وانخفض معدل التضخم من 100 بالمائة إلى 9 بالمائة، وقفز حجم الموازنة العامة للدولة من (46.3) مليار ريال عام 90م إلى أكثر من تريليوني ريال عام 2010م، واحتل قطاع التنمية البشرية والقطاعات الإنتاجية نصيب الأسد فيها. وانخفضت مديونية اليمن الخارجية من 11 مليار دولار تمثل 164% من الناتج المحلي الإجمالي نهاية عام 1995م إلى 5.9 مليار دولار في 2009م، حيث تم السيطرة على العجز عند الحدود الآمنة بمتوسط (3%) من الناتج المحلي، وانخفضت التزامات خدمة الدين العام الخارجي خلال هذه الفترة من 42% إلى 3%، وبناء احتياطيات خارجية بلغت حوالي 6 مليارات دولار نهاية العام الماضي. كما أثمر تنفيذ برنامج الإصلاحات في تحرير الاقتصاد وإزالة المعوقات التي تحد من النشاط التجاري والاستثماري، واستعادة التوازن في ميزاني التجارة والمدفوعات. وبالتوازي مع المؤشرات الإيجابية والنقلات النوعية التي حققها الاقتصاد اليمني، عملت الحكومات المتعاقبة على إصدار المزيد من التشريعات المواكبة للتطورات الاقتصادية أسهمت في إيجاد مناخات استثمارية وتجارية جاذبة لرؤوس الأموال والاستثمارات، وتحقيق أفضل استغلال ممكن للموارد المتاحة. وعلى الصعيد الاستثماري أثمرت الجهود الحثيثة التي بذلتها الحكومة في تحسين بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار في اجتذاب (6,972) مشروعاً استثماريا محليا وعربيا وأجنبيا خلال الفترة (1992م- 2009م) برأسمال استثماري بلغ تريليونين و593 مليارا و425 مليونا و472 ألف ريال يمني، توفر (194,705) فرصة عمل.