دماء اليمنيين أصبحت رخيصة بالنسبة لليمنيين وهذا شيء سيئ للغاية والأسوأ منه أن يكون اليمني مستشعراً لأوجاع ومآسي الغير أكثر من استشعاره لأوجاع ومآسي أبناء وطنه مدعيا بهذا "الإنسانية". ما حدث لآل الرميمة في السنة الماضية من قتل وإهانة وجرائم وحشية تعرضوا لها من قبل مرتزقة العدوان، يتكرر اليوم بإعادة هذه الجرائم ضد آل الجنيد وقرية الصراري التي تتعرض اليوم لاعتداء طائفي وحشي.. قُتل من بيت الجنيد الكثير ومارس المرتزقة ضدهم أسوأ الانتهاكات، وتوافد مرتزقة الرياض (فصيل داعش) من كل القرى المجاورة لنصرة آل سعود بالاعتداء على القرية وقصفها ليل نهار بذريعة أن أهالي القرية "روافض". هذه الحادثة لم تحرك مشاعر الكثير من اليمنيين ولم يلتفت لها الناشطون والإعلاميون الذين يروا أنفسهم بأنهم (إنسانيون)، إلا أن هذه الإنسانية لم تظهر للتضامن مع دماء أهالي الصراري، وظهرت بقوة في الدفاع والتضامن مع الدماء الأوروبية والعيون الزرقاء، كما حدث من السخط وإدانات في حادثة الدهس الإرهابية التي استهدفت الفرنسيين في مدينة نيس. قرأت الكثير من الإدانات لهذه الحادثة الإرهابية، والتضامنات المبالغ بها التي نشرها الناشطون والإعلاميون للتعبير عن إنسانيتهم الوقحة، لكن عندما تعلق الأمر بجريمة كالتي يتعرض لها أهالي الصراري تعامل معها هؤلاء المزيفون بتشفٍّ على الرغم من أن اختلاف التوجهات السياسية لا تقيد الإنسانية الحقيقية ليست التي تصبح ذات قيمة حين تستخدم في البلاد المتقدمة، لم أرَ المتضامنين مع فرنسا يذكرون مجرد ذكر الحادثة التي تعرض لها أبناء جلدتهم. عزيزي المتضامن مع فرنسا ومع كل حادثة إرهابية حدثت في الخارج.. الإنسانية صالحة للاستخدام داخل الوطن أيضاً وليست محصورة فقط في البلدان الأوروبية، كما أن الدماء الأجنبية لا تختلف عن الدماء العربية والقتل هو القتل والجريمة مدانة حتى لو كانت في الفضاء، غير أن أبناء وطنك أحق بتضامناتك التي تستنزفها للأجانب بكل تحسر وألم مصطنع.. ولا يعني تضامنك للأجانب من علامات التقدم والحداثة أبدا ولا يعكس أيضاً إنسانيتك الأنيقة، وأنت تتجاهل الجرائم التي تحدث في وطنك تحت راية الحياد وعدم انخراطك بالسياسة حتى لو أن ما حدث لبيت الجنيد نتيجة نزاعات سياسية.. وإن افترضنا أنها كذلك فالإنسان يبقى إنسانا وتجاهلك للجرائم التي تحدث لأبناء جلدتك لا يعني إلا عدم استشعارك الروح الوطنية وقلة أصلك واصطناعك المفرط للإنسانية. ليس مهماً أن تكون إنسانيتك أنيقة ولا تفرق بين ديانة وأخرى، المهم أن تكون حقيقية ومن العيب حقاً أن تحضر إنسانيتك في الجرائم المرتكبة ضد الأجانب وتغيب حين يصبح الضحية ابن وطنك لأن الإنسانية ليست مستوردة من الخارج، الإنسانية مصدرها من داخلك أنت.