تخالف صنعاء من بين مدن الله في الأرض قانون الجاذبية إلى تحت، وتضع نقطة عاثرة لمبدأ نيوتن الشهير، لأن هذه البقعة فوق المعمورة تشبه اسمها وحروفه الساطعة الناصعة الفاردة الأجنحة، فهي تفتح ذراعيها وشوارعها وأرصفتها وأزقتها ومداخلها وميادينها للوطنيين المخلصين الغيورين، من كل الأطياف والفئات والشرائح والمشارب، ليدخلوها بسلام آمنين، يأتيها من كل حدبٍ وصوب أحفاد التبابعة وأبناء السلالة العربية النسخة الأصلية ليسطروا المجد، ويكتبون الأساطير، ويرسمون اللوحات الوطنية المقدسة، فيطؤون مهادها المنيع الحصين ليلقنوا الأعداء والعملاء وباعة الضمير والأخلاق في المزاد السعودي الرخيص والمفلس درساً بالغ المعنى. يأتون من الاتجاهات الأربعة في البلاد لرفع ملاحم الصمود وقراءتها تحت أفق يحدق شاخصاً في غشامة الطائرات المعتدية، ويرنو إليها باحتقار واستنقاص يحدث شروخاً في وجوه قوى العدوان المحبط، الذي يرى الحشود فتنكسر أمانيه وتموت مراميه اللعينة، التي لا تُشرّف أقدام الأفواج الناصرة والمستنصرة بصولجان الحق، وتيجان البسالة اليمنية المستأسدة بسلاح الدفاع القدسي عن اليمن العظيم.. سلاح التقوى الذي يستوطن نفوس الأتقياء الأنقياء من اليمانيين الأخيار. على النقيض من ذلك تُداس ذوات وأنوات المرتزقة المأجورين، على تخوم نهم كما تُداس أعقاب السجائر وهم يمنّون أنفسهم رؤية مرتفع أو رأس عمارة في عاصمة القلوب والأرواح، فيذبحون وينتهون بلا شرف، ولا شأن يطوّق جثثهم النتنة المسلوبة الرجولة، رغم العتاد والسلاح والمجنزرات، التي تحترق بصحبة أجسادهم، التي لا تستحق أن تُهال عليها ذرة تراب من أرضها الطاهرة طهر الأنبياء والمرسلين. صنعاء ليست بغداد ولا طرابلس اللتين سارتا ضحيتان لآل سعود، أيها الأوغاد من عبدة ريال النفط الملكي الغبي المكلوم والمثقل بأحلام الطغاة المجردين من الأخلاق وشرائع الدين السمحاء.. وصنعاء لا يسقط فيها إلا المطر وبركات الله وخيره وحفظه ورحمته، وشعار قادمون يا صنعاء الذي ترفعونه، يسقط كما تسقط سفالتكم ووجوهكم التي لم تعد تحمر خجلاً كما لو كانت ملامحها مثل مؤخراتكم التي تركلها رغبات المعتدين والمتآمرين على الأمة، وقد مارسوا دجلاً أشر وأعتى بشعار قادمون يا أقصى منذ أكثر من ستين عاماً "ولا من التِبن ذِره.. صنعاء تسقط كل يوم في العربية والحدث وسهيل وأخواتها، وفي الواقع تحلق وتتسامى وتعلو كلما وطئتها أفواج الرجال القادمون إلى ميدان السبعين، لإرسال رسالة تلو أخرى تحرج أربابكم، من أعداء الأمة العربية والأمة الإسلامية، كما هي رسالة 26 مارس الماضي حين غدت صنعاء جنة أخرى على الأرض في الدار الدنيا، تحتضن المؤمنين الصادقين المرابطين في خنادق الرفعة والعز، وفي متارس حماية الأرض والعِرض.. صنعاء بحر من اليابسة، لا يقبل الجثث المحرمة على أديمها كما حرم الله أكل لحم الخنزير، لأنه يُورث الخيبة والعار وينزع الغيرة من القلوب والعقول.. صنعاء لم تعلك لبان الاستعمار ولم تبلع زمهرير الاستبداد والعبودية والذل والاستكانة، لأنها عاصمة العرب، لا الأعراب الأشد كفراً ونفاقا، الذين انبروا اليوم بسوءتكم أيها الحثالات الذين لا يدركون أن صنعاء تسقط إلى الأعلى.