ساعة هدنة، أفضل من دقيقة حرب: لكلّ دقيقة حرب قتلى وجرحى وأرامل ويتامى ومشردون.. لا أحد يأبه بهم، إلا كأرقام وصور للمتاجرة بدمائهم وعذاباتهم الصارخة. لكل دقيقة حرب خسائر مادية ونفسية واجتماعية.. يحتاج جبرها أو إعادة بنائها أو ترميمها إلى شهور وربما سنوات طويلة، وبجهود وتكاليف لا حدود لها. لكننا نستحق أن تتوقف الحرب بشكل نهائي. هذه الحرب شُنت على اليمن، بلا إنذار، ويجب أن تتوقف بلا شروط، على من أطلق الطلقة الأولى أن يرفع يده عن الزناد. ندرك تماما حجم الورطة السعودية في اليمن، الدخول في الحرب ليس كالخروج منها، لكن بدلا من الالتفاف بالهدنة على إنهاء الحرب، أن تتوقف الحرب اليوم، أفضل للسعودية من أن تتوقف غدا، المزيد من الحرب يعني المزيد من الغرق في الفيتنام اليمني. والسعودية لا تنقصها الأزمات والحروب: الخلافات العائلية قد تدمر القصر الملكي، والأزمة الاقتصادية قد تفجر الشارع السعودي، وداعش تحارب في سوريا والعراق واليمن وعينها على عاصمة الخلافة في الحجاز. كما لم تعد الظروف الإقليمية مواتية، مصر الآن لا تريد التفريط بسوريا، وتركيا لا تريد التفريط بإيران، فيما بريطانيا وأمريكا سيتركان مملكة نجد تغرق في حروبها وأزماتها الداخلية والإقليمية بعد أن جف الضرع الحلوب!. لقد قلنا منذ البدء: أن هناك مؤامرة عالمية على السعودية، وها هي تخسر باطراد في سوريا والعراق، ومن المؤكد أنها في اليمن لن تتمكن من تحقيق أكثر مما حققته في الشهور الأولى للحرب. بالمناسبة، ما حققته السعودية حتى الآن في اليمن ليس قليلا، بل أكثر مما يكفي لإرضاء الغرور البدوي، والخروج بماء الوجه، نعم لم يحققوا أهدافهم كاملة، ويخافون من وحشة منتصف الطريق، لكن التمادي في نفخ الكير سيحرق كل شيء، الذين يرفضون أنصاف الحلول، يتجرعون في النهاية المشاكل كاملة.