لا يختلف يمنيان أو محبان لليمن أو مراقبان دوليان بأن أحداث 2011م فوضى ضربت اليمن في مقتل وأعادته عشرات السنين إلى الوراء بعد أن كان يتبوأ مصاف الدول الديمقراطية الناشئة برصيد 3 تجارب برلمانية تنافسية وتجربتين محليتين وتجربتين رئاسيتين، الأخيرة شهد لها أقطاب العالم، بل وكان اليمن يتهيأ لأكبر استحقاق ديمقراطي يضع حداً بين عهدين بانتخابات رئاسية لا يشارك فيها الرئيس علي عبدالله صالح ولا أحد أقاربه. سفيرة واشنطن السابقة في صنعاء باربرا بودين، لخصت مأساة اليمن في ظل اقتتال داخلي وعدوان خارجي، مؤكدة أن "اليمن ضُرب بالربيع العربي 2011 وليس اليوم". بودين وهي التي عاشت وعايشت الفترة الذهبية لليمن الأكثر استقراراً ونهضة قالت: "صالح سلم السلطة بالمفاوضات وانحدر بعده كل شيء". معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، ومؤسسة كارنيجي للسلام، معهد بروكينغز للدراسات، صحيفة واشنطن بوست، نيويورك تايمز، الديلي تلغراف البريطانية، وكل كبريات الصحف الأجنبية الأوسع انتشاراً تختلف في التفاصيل حول ما شهدته وتشهده بلادنا، إلا أنها تجمع على أن كل "الطرق من ساحات الاعتصام قادت اليمن إلى الهاوية وأن من تولوا السلطة بعد صالح لم يمتلكوا برنامجاً.. وفشلوا فشلاً ذريعاً في إدارة البلاد، وبدلاً من التهيئة للخروج من الفترة الانتقالية المحددة في المبادرة الخليجية بعامين، والتحضير لانتخابات رئاسية وبرلمانية هيأوا لصراعات قادت إلى احتراب داخلي وعدوان خارجي أو التدخل السعودي كما تحب أن تسميه وسائل الإعلام الأجنبية المستفيدة من أموال النفط. ست سنوات منذ ذلك التاريخ المشئوم -11 فبراير- فماذا تحقق لليمن إن كان ما حصل (ثورة)؟! أَوَليس لكل ثورة منجزات يتم الاحتفاء بها سنوياً على كافة الصعد، سياسياً وتنموياً واجتماعياً وأمنياً وعسكرياً؟! وطن ممزق وأجزاء منه في قبضة احتلال دويلات النفط الخليجي وبأقذر أدواته، وعدوان متواصل لتدمير ما لم يتمكنوا من احتلاله.. معسكرات للجيش والأمن هي اليوم معسكرات للقاعدة وداعش، مجالس محلية هي اليوم أيضاً مقرات رسمية للقاعدة وداعش وسط مدن رئيسية، وموظفين بلا رواتب ومجاعة تستفحل، وتحذيرات أممية بكارثة إنسانية غير مسبوقة، وتحذيرات المفوضية السامية، والمجلس النرويجي للصوماليين ومواطني القرن الأفريقي بمخاطر الهجرة إلى اليمن الذي بات غير آمن، ومهما حاولنا تعداد مآسينا في جردة حساب فلن نتمكن.. حيث الجرح لا يزال ينزف وإلى الحد الذي جعل السؤال الأهم هو: ماذا لو عاد بهم الزمن إلى الوراء، ماذا كان سيريد الشعب؟!