ليس ثمة أقبح من تمرد اللئيم إذا أكرمته كما قيل قديما، والتاريخ كفيل بإبانة وكشف حقائق كثيرة عن مثل هؤلاء الذين يتمردون حينما يتم الإحسان إليهم، سواء أكانوا أفرادا أو جماعات أو أنظمة ودول. يتذكر الجميع أن اليمن كانت أهم دولة قدمت الدعم والمساندة لأسياسي أفورقي، واحتضنت حركة تحرير اريتريا، وأفورقي نفسه وآلاف المواطنين الإريتريين الذين فروا إلى اليمن إبان الحرب مع أثيوبيا، وذلك انطلاقا من مبدأ تقديم العون للجار في حال نزلت عليه الملمات. ويمكن القول إن اليمن لم تترك شيئا استطاعت فعله لدعم الاريتريين إلا وفعلته، لكن أفورقي ونظامه فيما بعد باع اليمن وقابل الإحسان بالإساءة، والكرم بالتمرد، وحسن الجوار بالتآمر، وتناسى كل ما قدمته وفعلته اليمن، وغدر باليمن مرتين، الأولى عقب حرب الانفصال عام 94م فبعد أن نجح اليمنيون في إحباط محاولة الانفصال بالتفاف أبناء الشمال والجنوب معا ضدها، شعرت الأنظمة الخليجية التي دعمت تلك المحاولة بالهزيمة، فعمدت إلى دعم نظام أفورقي ليغدر باليمن ويحتل جزر حنيش، ويومها كانت اليمن تملك القدرة لشن حرب عسكرية على اريتريا لاستعادة جزرها، لكنها فضلت اللجوء إلى نهج التحكيم الدولي ونجحت عبره في استعادة جزر حنيش من إريتريا دون إراقة قطرة دم واحدة، وهو الأمر الذي سيسجله التاريخ كواحدة من الدلائل على حكمة وحنكة رئيس الجمهورية الأسبق الزعيم علي عبدالله صالح، الذي فضل يومها التعامل بالدبلوماسية بعيدا عن القوة، ونجح في تقديم نموذج في المنطقة لحل الأزمات بعيدا عن العنف واستخدام القوة. ورغم ذلك فإن أفورقي ونظامه واصلا جحودهما وأذيتهما للشعب اليمني، وهاهو مرة أخرى يغدر باليمن عبر العودة إلى مربع التآمر والمشاركة في قتل اليمنيين، من خلال فتح قواعد وأراضي إريتريا لعدوان التحالف الذي تقوده السعودية وتأجيرها لتدريب عناصر داعش والقاعدة وغيرهم، الذين يتم إرسالهم إلى اليمن للقتال إلى جانب قوات العدوان ومرتزقته، وتقديم الكثير من التسهيلات بمختلف أشكالها لهذا العدوان من أجل قتل الشعب اليمني وأطفاله ونسائه وتدمير مقدراته. لقد كان أفورقي لئيما كعادته في رد الجميل لليمن، وغدر به مرتين، وكل ذلك من أجل المال الذي أعمى بصيرته كما أعمى بصيرة وبصائر غيره من الرؤساء والأنظمة الذين تورطوا في العدوان على الشعب اليمني، لكن اليمنيين لن ينسوا أن دولا وأنظمة ورؤساء كثر في المنطقة تآمروا مع السعودية ودول الخليج في عدوانهم على الشعب اليمني، ومنهم أفورقي وإريتريا والتاريخ لن يرحم أحداً.