المواقف المبدئية الأصيلة لا تأتي إلّا من أُناس أُصلاء أنقياء قولاً وعملاً، وهذا ما جسّدته المواطنة العربية الأردنية النقية الأصل السيدة ريما خلف، الأمين التنفيذي للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا التابعة للأمم المتحدة (إسكوا)، بموقفها المبدئي الأصيل النابع من إيمانها وصوابية رؤيتها، ورسوخ قناعتها ورفضها القاطع لكل أساليب الزيف والتضليل، فلم ترضخ للإملاءات والضغوط والتخويف والتهديد التي مورست عليها، كما لم ترضخ للإغراءات التي قدمت لها، لإجبارها على التخلّي عن الحقائق الدامغة التي تضمنها تقرير الإسكوا حول الممارسات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني، وقيام إسرائيل بتأسيس نظام فصل عنصري (ابارتايد) يهدف إلى تسلّط جماعة عرقية على أخرى، وهو ما يتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان والقيم الإنسانية التي أسست منظمة الأممالمتحدة من أجل الدفاع عنها، الأمر الذي جعل السيدة ريما خلف تدفع ثمن موقفها بتقديم استقالتها من منصبها، حتى لا تكون شاهد زور ومروّج لبهتان وتضليل قوى الاستكبار والهيمنة التي جعلت أدواتها الرخيصة تأكل الثوم بأفواهها بدلاً عنها، وأرادت ثني السيدة خلف عن موقفها المبدئي الإنساني المسئول. ولأن الشيء من معدنة لا يستغرب، خاصة إذا كان النقاء العربي الأصيل هو الذي جعل ريما خلف ترفض التزييف والتضليل، وهو النقاء الذي استمدته من أبويها العربيين النقيين الأصيلين. تحية لهذه السيدة العربية النقية الأصل، وتحية لموقفها الرائع الذي لم يجرؤ الذين يدّعون انتماءهم إلى العروبة والإسلام والإنسانية على اتخاذ أي موقف يرقى إلى مستواه المفعم بالشعور الصادق بالمسئولية الوطنية والقومية، وكنا نتمنى أن تكون مواقف محمود عباس تجاه القضية الفلسطينية وما يتعرّض له شعبنا العربي الفلسطيني من اضطهاد وممارسات عنصرية من قِبل الكيان الصهيوني العنصري، بنفس شجاعة ومبدئية موقف السيدة ريما خلف التي جعلت أدعياء الدفاع عن حقوق الإنسان يتقزّمون ويظهرون على حقيقتهم، وهو الموقف الذي لاشك أنه يحظى بكل التقدير والاحترام من كل عربي حُرّ وكل محبي السلام والحق في العالم.