مفهوم اللعبة السياسية هو أن تأخذ شيئاً من شخص لم تستطع أن تأخذه منه بالطريقة المألوفة، وأعتقد أن هذا المعنى قديم نوعاً ما، ولأن مفهوم السياسة قد مر بأزمنة وأطوار شتى ووصل إلى الماكيافيللية (الغاية تبرر الوسيلة)، وكذلك البراغماتية وبالمثل (فرق تَسُد)، إلا أنها جميعا قد شرب الدهر عليها وأكل، ومع ذلك تظل سياسة ولها من يمارس أساليبها بتحديثات تتفق مع متغيرات العصر .. في اليمن ومنذ عام 94 م وحتى يوم الانتقال السلمي للسلطة حاول المشترك أن يكسر صخرة المؤتمر بالبيض، وتجسدت سياسته التي استخدمها للوصول إلى السلطة بتزييفه للحقائق مستغلاً تسامح المؤتمر متمثلا في شخصية الزعيم علي عبد الله صالح، وحاول حاول فراداً وجماعات ولكن بلا جدوى .. لا أريد أن أسرد تفاصيل ما حدث وما فعله المشترك من أجل الوصول إلى السلطة وما سلكه من سُبل مشروعة وغير مشروعة، وكذلك كيف تحالفت أحزابه وتنازلت عن مبادئها التي لا يمكن أن يكون هناك طرف لتلتقي فيه أو قاسم مشترك بينها تتقاطع عليه سوى الكراهية العظمى لبعضهم البعض، إلا أنهم اتفقوا وبررت غايتهم وسائلهم، مثلما لا أريد تذكر تغريره بمن لا أسمي ووعوده لهم واستعطافه بهم للمنظمات الدولية والمتاجرة بقضيتهم من أجل ماذا ؟ من أجل أن يصل المشترك إلى السلطة ويظهر فشله الذريع في إدارة شئون البلاد والعباد ليلقي باللائمة من ثم على النظام السابق بدلاً من اعترافه بفشله وقلة حيلته، ومثلما قال الأول: "يا باري القوس برياً ليس يصلحه ... لا تظلم القوس واعط القوس باريها".. الآن ولو عدنا إلى الوراء قليلا وتذكرنا آخر شيء يمكن تذكره قبل الأزمة، وهو عرض الحوار على اللقاء المشترك بكل أطيافه من قبل الزعيم صالح، أليس هو ما يدور في البلاد الآن ويجري التحضير له ..؟ المشترك "المعارض" حينها تكبرَّ كما تكبرَّ الشيطان وعارض كلام الله، وأبى إلا أن يسفك الدم وتضج البلاد وشوارعها بحرب هي أشبه ما تكون بحرب البسوس، وكل ذلك وأكثر لم يكن له أن يحدث لولا افتقار المشترك للمشروع والبرنامج والهدف الوحيد مما يفعله ليس له عنده مبرر سوى الوصول إلى السلطة، أي أن غايته بررت الوسيلة .. بيض المشترك التي يحاول بها أن يكسر الصخرة تثبت عجزه وهزال فكره، والتاريخ لا يعيد نفسه مرتين إلا عندما لا نتعلم من أخطائه و"الحمقى فقط من يغتسلون بالماء نفسه مرتين"..