بالأمس مرَّ طقم تابع لأمانة العاصمة من وسط ميدان التحرير بسرعة فائقة كما لو أنه ذاهب لفتح الأندلس.. توقَّف بعد قسم شرطة التحرير ونزل العسكر ليحملوا بضاعة البسَّاطين ويلقوا بها إلى حوض الطقم.. ولن يكون هناك مانع لو اشتبكَ العسكر مع البسَّاطين ووجَّهوا بنادقهم إلى رؤوسهم، ولن تُثار أي قضية لو تم قتل بسَّاط أو اثنين ليرتدع البقيَّة، فهي ليست أول مرة، فقد حدثت اعتداءات وضرب وقتل لهؤلاء المساكين الذين لم يجدوا سوى الرصيف ليضعوا عليه بضاعتهم ويعودوا بلقمة عيش لأولادهم. سيارات تويوتا آخر موديل مخصصة لملاحقة هؤلاء البسَّاطين، من باب "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة" لأنهم يستحقون ذلك.. نعم يستحقون لأنهم لا يضربون الكهرباء، ولا يفجرون أنابيب النفط، ولا يقومون بتهريب السموم والدواء والقمح الفاسد.. ولا أظن أن هناك سيارات آخر موديل مخصصة لملاحقة شحنات الأسلحة التي تدخل اليمن، لأنها لا تستدعي كلَّ هذا الضجيج والهنجمة. القانون وُجد ليحمي الضعيف من هؤلاء الأقوياء الذين يمشون بطقوماتهم بسرعة جنونية يرعبون بها الراكب والراجل.. القانون وُجد ليحمي المواطن من بطش الأقوياء والمتهبِّشين. بإمكان أمانة العاصمة أن توفِّر أسواقاً لهؤلاء بدلاً من مداهمتهم وإخافتهم ونهبهم من يا الله رضاك، وبالتأكيد أن أمانة العاصمة لا تدري أن أطفال البسَّاطين ينتظرون وجبة الغداء التي سيعود بها آباؤهم، إن لم ينزل عليهم قضاء وقدر أمانة العاصمة. وحين توفِّر أمانة العاصمة أسواقاً تحتوي هؤلاء البساطين لن يكون لهم حجة ولن يكون عليها ملامة إن قامت بملاحقتهم.. ولكن لتضع أمانة العاصمة في اعتبارها أنها تتعامل مع إنسان، لأنها تفتقر لفن التعامل الإنساني مع هذه الطبقة التي لم تشعر يوماً بمعنى الانتماء وحقوق المواطَنَة.