شهدت بعض شوارع العاصمة مطلع الأسبوع هجمات لعساكر البلدية على من اصطلح على تسميتهم ب "البسّاطين" الذين يفترشون الأرصفة للبيع، وينشطون خلال رمضان وأيام الأعياد، ويلقون إقبالاً كبيراً من ذوي الدخل المحدود.. وقد تجوّلت "المصدر أونلاين" في بعض شوارع العاصمة التي يقصدها باعة الرصيف أكثر من غيرها، لتقصي حقائق المواجهات الأخيرة بينهم وبين خصمهم العتيد... البلدية. هجم عساكر البلدية على البساطين في شارع هائل الجمعة الماضية ولاحقوهم إلى غرفهم، مطلقين الرصاص الحي في الهواء، واستخدموا أعقاب البنادق والعصي في ضربهم ، فأصيب ثلاثة تعرض أحدهم- وهو إبراهيم السوائي- لإعاقة دائمة في عموده الفقري، واعتقل اثنان في قسم شرطة 22 مايو (التابع لمنطقة معين) حسب فضل العواضي عاقل البساطين، الذي أضاف إن البلدية لم تنزل منذ يوم الجمعة إلى شارع هائل "بعد أن فعلوا فعلتهم"، بينما قال شهود عيان ل"المصدر" إن مدير البلدية قال إن عندهم أوامر بإطلاق الرصاص على أي بسّاط. حاولنا التواصل مع الجهات المسؤولة، غير أن مدير قسم شرطة 22 مايو معمر هرّاش رفض الإدلاء بأي تصريح، ونصحنا بالتوجه إلى العلاقات العامة بالداخلية فهي المسؤولة عن الموضوع.
البلدية تؤجر الأرصفة.. ثم تهجم! في السادسة من صباح السبت الماضي هجم موظفو البلدية على بسطات شارع جمال، بينما كان أصحابها يغطون في النوم، ولم يكن هناك سوى حارس وحيد لم يستطع منعهم من مصادرة البسطات.
يحكي أحمد عبد الله، وهو أحد البساطين، كيف أنه تفاجأ باختفاء بضاعته التي تقدر ب 300 ألف ريال من مكانها بعد أن جاء ليعمل كعادته ظهر ذلك اليوم، لكن آخرين قالوا له إن البلدية قد جاءت في الصباح، وحملت البضاعة إلى سيارة البلدية باستخدام "الشيول"، وخلطت بضاعة البسطات مع بعضها في "دينّة" البلدية، مؤكداً أنهم قاموا بمصادرة أكثر من 10 عربيات تقدر قيمة البضاعة في كل منها ما بين 100 إلى 150 ألف ريال.
ويأسف أحمد على بعض زملائه ممن باعوا حلي زوجاتهم، لكي ينشئوا بسطة صغيرة، لكي يستغلوا "موسم الطاعات"؛ الذي هو موسم جيد للبيع والشراء ، بينما يقوم موظفو البلدية حسب قوله بنهبهم وسلبهم بضاعتهم، مما تؤدي هذه الأفعال إلى خسائر طائلة بالنسبة لهم، مضيفاً أن البلدية لا تستهدف إلا الناس الضعفاء والذين ليس لهم "ظهر".
يقول أحمد أن بعض البساطين دفعوا مبالغ طائلة للبلدية تقدر ب 20 ألف ريال للمتر كرسوم للبيع على الرصيف ، بينما كان يقوم موظفي البلدية سنوياً بتحصيل مبالغ من البساطين بسندات رسمية تقدر ب 3000 للمتر الواحد ، لكن هذه السنة لم ينزل موظفي البلدية بعد لتحصيل الرسوم.
في مساء اليوم نفسه قام بعض المتضررين باعتصام سلمي في شارع جمال لم يحضره أحد من المسؤولين، لكنهم تفرقوا بعد تلقيهم وعوداً بحل قضيتهم وإطلاق بضاعتهم، لكنهم لم يلقوا تجاوباً حتى كتابة هذا التقرير.
أما عبده علي عبد الله الذي يفترش الآن بسطة مكونة من بعض الجوارب " الشرابات" تقدر قيمتها ب 10 ألف ريال قال أنه استدانها من التاجر، بعد أن خسر بضاعة تقدر ب 800 ألف ريال، يقول أنه ذهب ليحاول إخراج بضاعته من مخازن أمانة العاصمة لكنه احتجز هناك حتى قبيل أذان المغرب.
أحد البساطين المتضررين نفى أن يكونوا هم من أحرقوا إطارات السيارات مطالباً بتركهم في حالهم "يطلبوا الله". أما مراد المطحني الذي لم يستسلم واستلف بضاعة صغيرة تقدر قيمتها ب 10 ألف ريال؛ فقد احتجزت البلدية "ضماره" المقدر ب 280 ألف ريال، قال إنه كان قد اشترى سريرين حديد وفرش بسطته عليهما خلال شهر رمضان ، ليعود بهما إلى البلاد في عيد الفطر فقد كسر "الشيول" سريراه وأخذوا بضاعته، ويطالب المطحني بإطلاق سراح بضاعته التي لها أسبوع في مخازن البلدية، وقال: "رحت أدور بضاعتي لقيتها وقد هي مجعوثة جعث وحالتها حالة، ومع هذا ما رضيوش يخرجوها".
بينما لا يزال طلال الجلال، وهو طالب في الثانوية العامة في مستشفى المنار بصنعاء وقد أصيب بثلاث طعنات في ظهره وكتفه ، بعد أن وجد نفسه وسط عراك لا دخل له فيه، أعقب مواجهات الجمعة الماضية ، بعد أن ظن بعض البساطين أنه من أصحاب البلدية.
وكان قد أعلن في صنعاء الأحد الماضي عن تشكيل لجنة مناصرة لأصحاب البسطات الذين يتعرضون للتعسفات من قبل مكتب البلدية بأمانة العاصمة يتقدمهم برلمانيون وصحفيون وحقوقيون ، ومن المقرر أن تعقد اللجنة اجتماعاً اليوم الثلاثاء في الساعة الثانية ظهرا بمقر منظمة هود للحقوق والحريات التي تكفلت بالقضية ؛ بحضور عدد من أصحاب البسطات المعتدى عليهم.