لن تقتصر تبعات التغيير في مصر على الصعيد الداخلي فقط وإنما ستمتد لتشمل أبعاد إقليمية ودولية نظرا للمكانة الجيوستراتيجية التي تحتلها مصر في المنطقة وخصوصا للفاعل الدولي وممثله الأبرز الولاياتالمتحدة إذ ستحصل نقلة جذرية في طبيعة العلاقات بينها وبين مصر ما بعد مبارك فبعد عقود ثلاث من توافق أمريكي مصري قضى بحفظ المصالح الأمريكية في المنطقة سيأتي نظام مصري جديد لا تدري الولاياتالمتحدة إلى أي مدى سيؤثر سلبا على مصالحها في المنطقة بعد الجزم بنفي تأثيره الإيجابي عليها ومن ثم كانت عملية التحول في مصر شاغل لصانعي السياسة الأمريكية لدراسة الآثار المترتبة على مصالح الولاياتالمتحدة في المنطقة وإيجاد السبيل الأمثل للتعامل مع الواقع الجديد لمرحلة ما بعد مبارك.وتعد مراكز الأبحاث الأمريكية (think tanks ) فاعل هام في عملية صنع القرار السياسي في الولاياتالمتحدة ولعل هذا ما يميزها عن نظرائها في باقي العالم خاصا المراكز الرصينة كمجلس العلاقات الخارجية ومؤسسة كارنيجي ومركز بروكينجز والمركز الدولي للدراسات الدولية والإستراتيجية أو القريبة من صانع القرار كمؤسسة راند ومعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى وفي هذا السياق نشر مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية تقريرا بحثيا بعنوان " التحول في مصر : رؤى وخيارات للسياسة الأمريكية " من إعداد " جون التيرمان" في يناير 2012ويمثل التقرير خلاصة مجموعة من ورش العمل التي عقدت بالمركز في خريف 2011 شارك فيها 15 من أهم الخبراء في الشأن المصري لمناقشة التحول في مصر والفرص المتاحة أمام الولاياتالأمريكية لتقوم بدور فعال في مصر وقد عرض التقرير على الهيئة الاستشارية للمركزوأقروا توصيات الخبراء المشاركين في سلسة ورش العمل التي عُقدت بالمركز ويعتبر مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية من أهم مراكز الأبحاث الأمريكية ويتمتع بمنزلة عالية في الوسط السياسي والأكاديمي وقد أسس المركز في ذروة الحرب الباردة في 1992 م على يد ديفيد ابشيرفي واشنطن العاصمة كمنظمة غير ربحية غير حزبية ، يقوم المركز بإجراء أبحاث وتحليلات وتطوير للمبادرات السياسية التي تتطلع إلى المستقبل لتستبق التغيرات المحتملة في العالم وقد ُخصص المركز لإيجاد سبل تحافظ على صدارة الولاياتالمتحدة ويعمل بالمركز أكثر من 220 موظف بدوام عمل كامل ومعهم شبكة من العلماء المتخصصين في مسائل الأمن والدفاع والاستقرار في المنطقة والتحديات العالمية كقضايا الطاقة والمناخ والتكامل الاقتصادي ويرأس مجلس أمناء المركز "سام نون " وقد جاء التقرير في حوالي 12 صفحة واحتوى على إطار عام وأربع محاور رئيسة عن السياسة المصرية الداخلية والسياسة الإقليمية والعلاقات مع المؤسسة العسكرية والقضايا الاقتصادية وفي كل محور يعرض خلاصات المناقشات والدور المنوط بالولاياتالمتحدة وفي آخر التقرير جملة من التوصيات للإدارة الأمريكية .