الأطفال الذين استُخرجت لهم شهادات ميلاد لا يزيدون عن 20 في المائة، حسب تقديرات الأحوال المدنية.. وإذا كانت الحكومة تقدم هذه الخدمة للمواطنين، ثم تكتشف بعد مرور السنين أن نسبة تسجيل المواليد والحصول على شهادات ميلاد بهذه النسبة المتدنية، فلا بد من طريقة ما تدفع الآباء والأمهات إلى استخراج هذه الشهادات لأطفالهم، ولو بالإكراه. من المفيد أن تقول للوالدين إن حصول المولود على شهادة الميلاد يعني إثبات وجوده القانوني، وهي بمثابة جنسية له، وأن شهادة الميلاد سوف تحمي هذا المولود من أي أخطار أو مخالفات قانونية عندما يكبر. على سبيل المثال لو أن الطفل الذي ارتكب جريمة عقوبتها الإعدام، قدم محاميه للقاضي شهادة ميلاده التي تبين أنه ارتكب الجريمة وعمره 17 سنة، لما حكم القاضي بإعدامه، لأن القانون يحظر تطبيق هذه العقوبة على من هم أقل من 18 سنة من العمر، وشهادة الميلاد هي التي ستثبت كم كان عمره عند ارتكاب الجريمة.. وهذا الذي لديه مشكلة مع مُطبِّقي نظام التقاعد كان في غنى عن هذه المشكلة لو أن ملفه الوظيفي احتوى على شهادة ميلاده التي تثبت ما إذا كان قد بلغ أو لم يبلغ 65 سنة.. وفي المستقبل قد تصبح شهادة الميلاد شرطاً لعقد الزواج، أو الترشُّح للانتخابات. مع ذلك فسلوك المرء يُضبط بعوامل خارجية، ولا بد من تدابير تمنح شهادة الميلاد هيبة وقيمة، وهذه التدابير ينبغي أن تكون متكاملة وتلتزم بها جميع الهيئات الحكومية، فلكي تدفع الناس إلى تسجيل مواليدهم واستخراج شهادات ميلاد لا بد من تكامل هذه الضوابط. وزارة الصحة ينبغي أن تربط الحصول على الخدمة الصحية بإحضار شهادة ميلاد الطفل عندما تحضره أمه لمركز التحصين مثلاً، ووزارة التربية ينبغي أن تلتزم بعدم تسجيل أيِّ طفل في المدرسة ما لم يحتوِ ملفه على شهادة ميلاد.. وطلب إضافة مولود إلى البطاقة العائلية أو الحصول على بطاقة شخصية أو الالتحاق بالخدمة العسكرية أو المدنية لا بد أن يرفق بشهادة ميلاد. هذه تدابير عادية ولا تعتبر من قبيل العراقيل، خاصة وأن الحصول على شهادة الميلاد أمر سهل، وينبغي على مصلحة الأحوال المدنية أن تعمل على توافر هذه الخدمة في الأرياف، وأن تدرك أن جزءاً كبيراً من الثمانين في المائة الذين لم يحصل لهم آباؤهم على شهادات ميلاد، موجودون في الأرياف.