حكايتنا مع الثورة تشبه حكاية ذلك الأحدب في الحكاية الشعبية اليمنية. ومختصر الحكاية أن شخصاً أحدب التقى بصديق له أحدب، وكان هذا الأخير قد عاد إلى قريته بعد غياب دام سنوات من دون حدبة. وبمجرد أن أبصره حتى اندفع نحوه وصاح فيه مندهشاً: يا الهي! ما هذا؟ أذكرُ أنك غادرت القرية وحدبتك أعظم من حدبتي..قل لي ماذا حدث؟ أين هي حدبتك؟ كيف؟ وأين؟ وبأي طريقة اختفت؟ عندئذ حكى له الأحدب المنزوع الحدبة حكايته وقال له: كنت ماراً بالصدفة بقرية من قرى الجن.. وهناك رأيت الجن يرقصون على إيقاع أغنية تقول كلماتها: "الربوعة والخميسة". ولأن أذني موسيقية لا تقبل أي نقص أو نشاز فقد أكملت الأغنية وغَدَتْ مكتملة من حيث الكلمات والوزن والموسيقى حتى أن الجن عندما سمعوها جُنّوا من الفرح وقالوا لي: أنت أول إنسي عبقري يمر بقريتنا.. تمنَّ أمنيةً ونحن نحققها لك حالاً. قلت لهم: أمنيتي تخلصوني من حدبتي.. وهذا ما حدث. قال الأحدب المحدود المواهب والقدرات: ولكن ماذا فعلت؟ ما هي الكلمات التي أضفتها؟ كانت أغنيتهم ناقصة - كما قلت لك -: " الربوعة والخميسة" وأصبحت بعد أن أصلحتها: "الربوعة والخميسة وليلة الجمعة الأنيسة" ومن دون أن يقول له وداعاً تحرك الأحدب المحدود القدرات والمواهب ومضى مهرولاً..وعندما وصل قرية الجن وجد الجن يرقصون على إيقاع الأغنية نفسها: "الربوعة والخميسة وليلة الجمعة الأنيسة" وحتى يُلفت الأحدب انتباه الجن إلى موهبته صاح قائلاً: "والسبت والأحد والاثنين والثلوث". وهنا حدث اختلال في أداء الراقصين، واختل توازنهم نتيجة اختلال الوزن والإيقاع، فكان أن جُنّوا من الغضب واندفعوا نحو الأحدب ينهالون عليه بالضرب، ثم سحبوه إلى غرفة العمليات، وهناك ركّبوا له حدبة صديقه المبدع وكانت أعظم من حدبته. حكايتنا نحن اليمنيين شبيهة بحكايته. ذهبنا إلى الساحات وإلى جنية الثورة على أمل أن تزيل الحدبة الجاثمة على ظهورنا، لكن جنية الثورة عندما أدركت إننا مجرد مقلدين ولسنا مبدعين، ركّبت لنا حدبةً هي الأكبر وهي الأعظم، وبدلاً من حدبة واحدة عدنا من ساحات الثورة بحدبتين اثنتين.