في مسرحية "الخرتيت" للأديب العالمي " يوجين يونسكو" يُفاجأ سكان مدينة فرنسية صغيرة ومغمورة بخرتيت يظهر في مدينتهم، وبعد الخرتيت يظهر خرتيت آخر، وثالث، ورابع... ثم يرون شوارع مدينتهم وقد امتلأت بأعداد من الخراتيت. كان الناس مندهشين يتساءلون عن هذا الحيوان المريع والقبيح ذي القرن الواحد في جبهته من أين جاء؟ وكيف ظهر؟ وخُيّل إليهم في البدء أنه ربما يكون قد هرب من حديقة الحيوان. غير أنهم سرعان ما تذكروا أنه لا وجود لحديقة حيوانات في مدينتهم. ثم ذهبوا في القول إلى إنه ربما جاء من الغابة أو من السيرك، بالرغم من أن مدينتهم لا غابة فيها ولا سيرك. "لكن الحقيقة هي أن سكان المدينة أنفسهم كانت قد نبتت على جباههم قرون طويلة، وكانت جلودهم قد تصلبت واستحالت بشرتهم إلى لون أخضر داكن. كانوا جميعهم قد مُسخوا إلى قطيع من الخراتيت صار يعيث في شوارع المدينة وبيوتها محيلاً إياها إلى دمار " واحد فقط هو" بيرانجيه " ظل محتفظاً بآدميته، واستمر يقاوم الخرتته رافضاً التحول إلى خرتيت. سيقول بعض المتخرتتين محتجين ومعترضين: وما علاقتنا نحن باليمن بخرتيت يونسكو ؟ خرتيت يونسكو ينتمي إلى أدب اللا معقول وإلى مسرح العبث ونحن لا عندنا أدب ولا عندنا مسرح !. وهذا قول صحيح، ولكن هل هناك لا معقول أكثر من هذا اللا معقول؟ هل ثمة عبث أكثر من هذا العبث ؟ هل وصل بلد من البلدان إلى هذا المستوى من جنون القتل ومن الفوضى؟ إننا من دون خرتيت يونسكو لا نستطيع أن نفهم ونستوعب هذا اللا معقول، وهذا العبث وهذا الجنون. ومن أجل أن نعرف كيف تحولت ثورة الشباب السلمية إلى ثورة للخراتيت لابد لنا من خرتيت. وخرتيت يونسكو لا يصلح فقط لتفسير صعود وعودة الخراتيت إلى السلطة في اليمن، وإنما يصلح لتفسير كل ثورات ربيع الخراتيت في أرجاء الوطن العربي.