حياتنا بكل أبعادها السياسية ، والاقتصادية ، والاجتماعية ، والثقافية ، والعسكرية ما هي الا رواية أو هي - بوصف أكثر شعبية - فيلم . في هذا الفيلم شخصيات رئيسة وأخرى فرعية . أو أبطال وكومبارس . وغالباً ما يكون الكومبارس أكثر عددا من الأبطال . وكلما كان الفيلم ذا صبغة حربية كان الكومبارس فيه أكثر وأكثر حتى ليصلون الى آلاف مؤلفة . هذا العدد الكبير من الممثلين الفرعيين ليس دورهم خطف الأضواء من الأبطال ، أو صرف الانتباه عنهم . بقدر ما هو إظهار لمركزية البطولة في الفيلم ، ومحورية الأبطال فيه . فهم كواكب تدور حول النجم الاكبر ، وتسبح في فلكه . فتزيده حضورا وفاعلية وتأثيرا . وكم في حياتنا الفردية والجماعية من أبطال ، وكم وكم وكم فيها أيضاً من كومبارس . * البطل في ( الحياة/ الفيلم ) ليس ضرورة أن يقهر كل خصومه على طريقة ( رامبو ) فيبيد جيشاً كاملاً بسلاحه الشخصي الذي لا تنفد ذخيرته . كما وليس بالضرورة أن يكون مجيداً للألعاب القتالية ، متفنناً في التفلت من أعدائه على طريقة ( جاكي شان ) . بل يمكن أن نجد ( بطلنا ) مقهوراً ، مظلوما ، محاربا ، يضيّق عليه ( السياسي الكومبارس ) ، ويحاربه ( العسكري الكومبارس ) ، ويطارده ( البوليس الكومبارس ) ، ويعتدي عليه ( الفتوّة الكومبارس ) ، ومع ذلك يبقى هو الحكاية والرواية . هو المركز والمحور . هو البطل والبطولة . * ولكم تعجب الكثيرون حين رأوا خيول الهمجية المغولية تدوس عواصم الحضارة الإسلامية وقالوا : ربما نتفهم أن تنهزم تلك العواصم لكونها تخلت في لحظة ما عن سنن التقدم ، ونواميس االانتصار . ولكن ما لا ولن نتفهمه أن تكون الهمجية هي البديل عن المدنية ، وأن تصبح ( الحظيرة ) هي البديل عن ( الحضارة ) . فإذا صح أن ينهزم أولئك ، فلا يجوز - بحال - أن ينتصر هؤلاء !! ولو استدعت أذهان المتعجبين حقيقة ( الحياة / الفيلم ) وما يحكمها من ثنائية ( البطل والكومبارس ) لأدركوا أن قبائل المغول - بكل ما فعلته - ما كانت إلا كومبارس في فيلم الحضارة الاسلامية . مهمتها الوصول بالاحداث الى ذروة ( الاكشن ) ، حيث ينتفض البطل مستعيداً لنفسه عزتها ، وكرامتها . ولأمته منزلتها ، وحضارتها . مختتماً - بذلك - دورة زمنية تمثل ( فيلم ) مكتمل الاركان . لتبتدأ دورة زمنية ثانية وفيلم آخر جديد . وللإنسان - في كل زمان ومكان - حرية الاختيار في أن يتسلم دور البطولة ، أو يستسلم لدور الكومبارس