لم يختلفْ عنَّا أي کيانٍ سياسيٍّ عند نشأتهِ، فالجميعُ بدأ بأدبياتٍ منمقةٍ و تعريف وطني ينطلق من الدستور المحلي و القانون الدولي. ثم أخذَ کُلُّ کيانٍ شخصيتَهُ من صبغة مواقفه بعضها؛ ملتزمًا للأدبيات، وبعضها مطوِّرًا لها وبعضها متجاوزًا لِمَا أفرزته ظروفُ المراحلِ السياسيةِ. تاريخياً، حققتْ الثوراتُ اليمنيةُِ فواصلَ جوهريةً، فما قبل تلک الثورات لا يشبه ما بعده؛ تتفقُ جميعُها في تحقيق فکرةِ الهدم بنجاح ، وتفشلُ جميعُها في فکرة البناء، فدخلتِ اليمنُ مخاضاتٍ عسيرةً؛ لتلدَ بذلک حقبًا مشوهةً في مسيرتها الحياتية والتنموية. حققتْ ثورتا سبتمبر وأکتوبر المجيدتانِ فاصلةً تاريخيةً، هدمتْ منظومتيِّ الإمامة والإستعمار؛ لکنها بنتْ سياجًا جمهوريًّا ديمقراطيًّا، غيرَ متينٍ؛ مرَّ بمراحلَ من الانتکاسات تمظهرتْ بالانقلاباتِ والصراعاتِ والحروب الداخلية لتثبيتَ رکائزَ مغايرةً للغاياتِ التي رسمتها أهدافُ الثورتين، فتمخضتْ ثورةُ فبراير کمعولِ هدمٍ للنِّظامِ الفاسدِ انطلقتْ بعنفوانٍ شعبيٍّ صادقٍ ما لبثَ أن انتکسَ بتجريبِ المُجربِ. إن تيارَنا النهضويَّ؛ ليس فکرةً مبتکرة أو فرادة، هي فکرةٌ جمعيةٌ تکررتْ ألفَ مرةٍ و فشلتْ عبر مئةِ سنةٍ من الصراع الذي أخَّرَ اليمنَ من اللحاق برکب الدول المستقرة و المتقدمة، المتعقب لتلک التجاربِ يري أن اليمنيين لم يتعلموا من الدرس، لِأن البناءَ لم يکنْ تراکميًّا بل مستجدًا بلا بيانات التغذية الراجعة. تشخيص : أصبحَ تعددُ إنشاء الکيانات و الجبهات و المکونات السياسية ظاهرةً يمنيةً بامتياز و أخذتْ مسمياتٍ کثيرةً کمحاولات طموحةٍ لتحقيقِ حُلمِ النهوض بالبلدِ؛ لکنها تصطدم بعواملِ کثيرةٍ فتنحسرُ و تأفلُ سريعًا. يُعزي ذلک إلي: - التأسيس الواهي المفتقر لِأَعمدةِ ومقوماتِ التشکل السليم والمدروس للکيان. - اِختراق الکيان وتضليل أفراده واِحراقه بوصمه بالشائعات. - تجيير وتوجيه ثمرة نضال الکيان الجديد بتوظيف يخدم صانعي حدث المشهد السياسي. - صناعة صورة مشوهة لرموزه عبر استهلاكِ ومَنْتَجةِ التصريحات إعلاميًا. وبالتالي ندركُ تمامًا أن علي "تيار نهضة اليمن" اتخاذ تدابير استراتيجية: تنظيم متقدمة ومغايرة لنظيرها بِناءً علي نماذجِ تنظيميةٍ نبتکرها نحن، ثم التعبير عن التيار بخطابٍ سياسيٍّ متزنٍ يحددُ شخصيةً غيرَ قابلةٍ للتشويةِ والحرقِ. شخصيتُنا کتيارٍ محددةٍ بأدبياتٍ معتدلةِ المضمونِ مشروعةٍ محليًّا و دوليًّا، يتکونُ جسدُ التيار من سيرةِ أعضائه النيِّرةِ و قادتهِ و مواقفهم وتأثيرهم، روحهُ صدقُ المواقفِ و الأفعال و قيمُ الذات اليمنية. وضعَ التيارُ لنفسهِ (6) مبادئ کمحددات لهويةِ الوطن هي: الجمهوريةُ، السيادةُ، الوحدةُ، الدولةُ الاتحاديةِ، النهضةُ، المواطنةُ. يدركُ التَّيارُ أن لمواجهةِ العواملِ الرئيسيةِ لنجاحِ وفشلِ أي کيانٍ ناشئٍ؛ عليه مواجهةُ مجموعةً من العواملِ يحددُ بها سياساتهِ وهي: - المشهدُ السياسيِّ الحالي علي الصعيدِ الداخلي والخارجي. - ظروفُ المرحلةِ. - أطرافُ الصراعِ المتحکمة بالمرحلة. - سياسةُ القيادةِ التنظيمية للتيار. -الاختراقُ والتجيير. - نوعُ التحالفاتِ. تلک العواملُ سأفندُها تِباعًا للتيارِ من ضوء المشهد السياسي الحالي باليمن و في ظل العلاقة بين الأطراف المتنازعة و الصراع بين الدولة و الانقلاب و الملشنة و دول الجوار و المجتمع الدولي. * المنسق العام لتيار نهضة اليمن