تعرّضت المعلمة اليمنية حنان السفياني مؤخرا للطرد من منزلها المستأجر بسبب عدم تمكنها من دفع إيجاره الشهري، وذلك على خلفية عدم تلقيها والآلاف من زملائها في اليمن رواتبهم منذ 8 سنوات. وتروي السفياني، للجزيرة نت، معاناتها وزملاءها مع انقطاع الرواتب، قائلة إن "المعلمين في اليمن يحتضرون قهرا وعجزا، بل يموتون جوعا ومرضا جراء انقطاع رواتبهم التي تعد مصدر دخلهم المادي لهم وعوائلهم".
وتشغل السفياني منصب المسؤولة الثقافية بنادي المعلمين اليمنيين، وقالت إنها شخصيا تعرضت للطرد من سكنها بسبب عدم تمكنها من دفع ثمن الإيجار، وبحكم من المحكمة، مضيفة "كان الأولى بهذه المحكمة أن تحكم على سلطة الأمر الواقع في صنعاء بدفع رواتب المعلمين والمعلمات".
وأشارت إلى أنها وغيرها الكثير من المعلمين استنفدوا كل ما يمتلكونه من مدخرات وممتلكات بيعًا، ولجأوا للاستدانة لتدبير ما يمكن لدفع شبح الموت عنهم، ولتوفير لقمة العيش الضرورية لهم ولعائلاتهم. وقالت إن "معاناة المعلمين بلغت الحلقوم ولا سبيل لإنقاذهم إلا بدفع رواتبهم".
وتعبر حنان السفياني عن حال المعلمين في اليمن الذين ينفذون إضرابا عن العمل منذ نحو شهر في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، للمطالبة بدفع رواتبهم المنقطعة عنهم منذ 8 سنوات.
مطالب حقوقية لا سياسية
يقول عضو نادي المعلمين عبد السلام الصالحي إن "الاضراب دوافعه مطالب حقوقية فقط والسبب هو الجوع والفقر والعوز"، مشددا في حديث للجزيرة نت على أن "المعلمين لا يتبعون أي جهة داخلية أو خارجية أو حزب أو تنظيم سياسي، بل نتبع أنفسنا وبطوننا وأبناءنا وأسرنا، وهم الذين دفعونا للإضراب للمطالبة بحقوقنا ورواتبنا".
من جانبه، نفى رئيس نادي المعلمين اليمنيين أبو زيد عبد القوي ناجي الكميم الاتهامات الموجّهة إلى المعلمين المضربين عن العمل بأن لهم دوافع سياسية أو ارتباطات خارجية، ويخدمون أجندة ما تسميه جماعة الحوثيين ب"العدوان".
وقال الكميم للجزيرة نت إن "مطلبنا واضح من أول بيان وهو تسليم رواتب شهرية وكاملة للمعلمين وبلا انقطاع، بالإضافة لتسليم المرتبات المتأخرة عن السنوات الثماني الماضية كاملة عن طريق جدولتها وفق آلية معينة".
وبشأن أعداد المعلمين والمعلمات في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، قال الكميم إنها تبلغ أكثر من 200 ألف معلم ومعلمة يعانون من قطع رواتبهم منذ سنين. وأشار إلى أن نسبة المشاركة في الإضراب تصل إلى 80% وربما أكثر من ذلك خاصة في المناطق الريفية.
واعتبر أن العملية التعليمية في خطر كبير خاصة في ظل تسرب الطلاب وإصرار المعلمين على الإضراب حتى تسلم أجورهم الشهرية المستحقة قانونا ليتمكنوا من مواصلة العيش والحياة.
البرلمان يسائل الوزير
وتحدثت مصادر برلمانية يمنية للجزيرة نت عن أن رئيس مجلس النواب الشيخ يحيى الراعي طالب أعضاء البرلمان بسحب الثقة عن وزير التربية والتعليم بحكومة صنعاء يحيى بدر الدين الحوثي، الشقيق الأكبر لقائد الجماعة عبد الملك الحوثي، وذلك لتغيّبه عن حضور جلسة كانت مقررة أمس السبت، لمساءلته عن إضراب المعلمين ومطالبهم بدفع رواتبهم المنقطعة منذ 8 سنوات.
وقال البرلماني أحمد سيف حاشد إن رئيس وزراء "حكومة الإنقاذ" في صنعاء عبد العزيز بن حبتور دافع عن غياب وزير التربية والتعليم يحيى الحوثي، وأرجع ذلك لسفره إلى مدينة صعدة شمالي البلاد، وبذلك تراجع مجلس النواب عن سحب الثقة عنه.
مسؤولية من؟
ورأى النائب أحمد سيف حاشد، في حديث للجزيرة نت، أن "حكومة صنعاء" معنية بدفع رواتب المعلمين وكل موظفي الدولة باعتبارها سلطة أمر واقع.
في حين يرى المسؤولون الحوثيون أن دفع رواتب موظفي الدولة بمن فيهم المعلمون يقع على عاتق الحكومة الشرعية وداعميها من "دول التحالف"، الذي تقوده السعودية والإمارات.
وتجري منذ أشهر مفاوضات بين جماعة الحوثي والسعودية بوساطة سلطنة عمان من أجل التوصل إلى تهدئة دائمة تشمل دفع الرياض رواتب موظفي الدولة اليمنية المدنيين والعسكريين، وبخاصة المعلمين في مناطق سيطرة الحوثيين.
لكن ثمة خلافات بين الطرفين، ففي الوقت الذي تصر فيه الحكومة اليمنية الشرعية ومعها السعودية على ضرورة دفع رواتب موظفي الدولة وفقا لكشوفات ما قبل الحرب، يطالب الحوثيون بدفع الرواتب لكافة عناصرهم العسكريين والأمنيين ضمن قوائم وزارتي الدفاع والداخلية الذين أدرجوا في كشوفات موظفي الدولة في أعقاب سيطرتهم على مؤسسات ومرافق الحكومة منذ سبتمبر/أيلول 2014.