– وكالات : يصوت التونسيون منذ صباح اليوم الأحد في اقتراع ديمقراطي تاريخي هو الأول من نوعه منذ استقلال البلاد في 1956 ومنذ الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في يناير الماضي، وذلك لانتخاب مجلس تأسيسي ستسند إليه مهمة وضع دستور جديد للبلاد. وقف الناخبون التونسيون في صفوف طويلة اليوم الأحد لاغتنام فرصة المشاركة في أولى انتخابات "الربيع العربي" التي من المتوقع أن تسفر عن حصول حزب النهضة الإسلامي على أكبر نصيب من السلطة. وستضع هذه الانتخابات وهي أول انتخابات حرة في تاريخ تونس معيارا ديمقراطيا للدول العربية الاخرى حيث أدت الانتفاضات الى تغيير سياسي أو حاولت حكومات بها أن تسارع بإجراء إصلاحات لتجنب خطر الاضطرابات. وكانت تونس هي أولى محطات "الربيع العربي" قبل عشرة أشهر عندما أدت احتجاجات حاشدة على الفقر والبطالة وقمع الحكومة إلى فرار الرئيس السابق زين العابدين بن علي إلى المملكة العربية السعودية. ووقف راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة الإسلامي الذي من المرجح أن يحصل على أكبر نصيب من الأصوات منتظرا الإدلاء بصوته أمام مركز للاقتراع في حي المنزه 6 بالعاصمة التونسية. وقال الغنوشي الذي كان برفقة زوجته وابنته المحجبتين إن اليوم هو يوم تاريخي وإن تونس ولدت من جديد. وأضاف أن الربيع العربي ولد اليوم. لكن بمجرد خروجه من مركز الاقتراع بدأ بعض المصطفين للإدلاء بأصواتهم يصيحون في وجهه. وقالوا له "ارحل ارحل" ووصفوه بالإرهابي والقاتل وطلبوا منه العودة إلى لندن. ولم تشهد تونس مثل هذا المستوى من الرغبة في المشاركة في الانتخابات ابان عهد بن علي عندما كان يظهر عدد محدود للغاية فقط لأن المواطنين كانوا يعلمون أن النتيجة محددة سلفا. وقال نور الدين وهو شاب يقف خارج مركز للاقتراع في حي المرسى "هذه لحظة عزة حقيقية.. إنه يوم تاريخي. تختمر لدي مشاعر كثيرة عندما أرى تونس تمر بمثل هذا اليوم. حتى في أحلامي لم أكن أتخيل ان الناس ستأتي بهذه الأعداد للتصويت." والهدف من انتخابات اليوم هو اختيار مجلس تأسيسي مهمته صياغة دستور جديد ليحل محل ذلك الذي تلاعب به بن علي لترسيخ سلطته وتشكيل حكومة مؤقتة واجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة. ويقل الغنوشي الذي أمضى 22 عاما منفيا في لندن إن حزبه ينتمي للإسلام الوسطي مثل رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان وحزبه العدالة والتنمية. ويقول إنه لن يحاول فرض قيم حزبه على المجتمع. لكن صعود الحزب يمثل قلقا لدى العلمانيين في تونس الذين يعتقدون أن قيمهم الليبرالية معرضة للخطر حاليا. وتظهر أغلب التوقعات ان حزب النهضة لن يحصل على ما يكفي من المقاعد للحصول على أغلبية في المجلس التأسيسي مما سيجبره على الدخول في ائتلاف سيؤدي لتقلص نفوذ الإسلاميين. وتمركزت الحملة الانتخابية للحزب الديمقراطي التقدمي على حماية القيم العلمانية في تونس. ووقف نجيب الشابي وهو معارض سابق لبن علي وزعيم الحزب التقدمي الديمقراطي أمام مركز للاقتراع في حي المرسى وكان يتجاذب اطراف الحديث مع ناخبين آخرين. وقال لرويترز إنه سينتظر دوره حتى إذا استغرق اليوم كله. وأضاف أن هذا أسعد يوم في تونس وإنه عرس للديمقراطية وإن تونس انضمت اليوم إلى صفوف الدول المتقدمة. وأضاف أن رؤية كل هؤلاء الناس الذين ينتظرون دورهم للتصويت مؤثر جدا. ويبذل النهضة جهودا كبيرة لتبديد مخاوف العلمانيين والقوى الغربية وتقدم بعدة مرشحات بينهن مرشحة لا ترتدي الحجاب ووعد بعدم تقويض حرية المرأة .