بقلم / إبتهال الضلعي منذ أكثر من إثنتي عشر عاماً التقيت بعدد من الناشطين والناشطات الرائعين في مؤسسة العفيف الثقافية لصاحبها الأستاذ القدير مربي الأجيال المرحوم أحمد جابر عفيف. كان هؤلاء المتحمسون مجتمعون على فكرة الكف عن مضغ القات وكف أذاه عن المجتمع اليمني بكافة أطيافه. الفكرة التي تحولت إلى جمعية سميت بالجمعية الوطنية لمواجهة أضرار القات كانت من أولويات الأستاذ أحمد والتي أعطاها جل إهتمامه ودعمه. أقامت هذه الجمعية العديد من الندوات والفعاليات وكون شبابها مجاميع للتوعيه في المدارس في طوابير الصباح وإقامة البازارات والمسابقات الفنية كالرسم والغناء وفن الكاركيتير للدفع بالفكرة إلى حيز التنفيذ. كان إهتمام الإعلام بالموضوع أنذاك ضعيفاً إلى حد ما مما دفع بنا للجهد الذاتي في الإعلان عن المسابقات وإرسال الدعوات وإستقطاب أكبر عدد من الشخصيات الثقافية والفنية للمشاركة في محاربة هذه الآفه القاتلة التي قتلت الروابط الأسرية وأنهكت الجيوب ودهورت الصحة واضاعت سبل التقدم بصورة مباشرة وغير مباشرة. كان العمل ممتعاً وكانت ردود فعل الناس تتباين ما بين مرحبه ورافضه أحياناً، مستفزه وغير مباليه في أحيان أخرى، إلا أن إيمان تلك المجاميع من الشباب بالفكرة جعلت من الأمر تحدياً كبيراً. مرت السنوات لتظهر مجاميع أخرى في عدد من المحافظات كان بعض مسؤليها ممن قد حضر محاضرة أو ندوة لهذه المؤسسة العريقة التي ندين لها الكثير كصحفيين وكتاب ومثقفين ومتطلعين للحرية والثقافة والتغيير، والبعض الآخر نشأ مؤمناً بالفكرة بناءً على مشاهداته الخاصه وتجاربه الذاتيه ومعاناته من هذه الشجرة الخبيثه. كانت الجمعيه مدركة لدور الإعلام فأصدرت صحيفة "يمن بلا قات" والتي تكونت هيئة تحريرها من شباب وشابات الجمعية بإشراف بعض الأساتذه من المنتميين لها وقامت بنشر المقالات والتحقيقات الصحفية وتوثيق فعاليات الجمعية وكان يتم توزيعها مجاناً على عدد من الجهات المعنية بغرض نشر الوعي والتحفيز على تبني الفكرة من قبل مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع على حد سواء. اليوم وقد إختلفت السبل، برمج عدد من شباب الثورة وجيل الفيس بوك الفكرة إلى واقع على مستوى أكبر من خلال إطلاق حملة "يوم بلا قات" وأختاروا تاريخ 12 يناير 2012 كيوم يوثقه التاريخ للأجيال القادمة ليؤكد على أن ثورة الشعب اليمني هي ثورة فعليه وعلى كافة المستويات وأن هذا المجتمع الحي مدرك لخصوصيته تماماً وبالتالي فإن ترتيب أولوياته قد تختلف عن منظومة حل المشكلات في المجتمعات العربية الثائرة الأخرى. شعار رائع عنون المنضمون حملتهم به على صفحتهم على الفيس بوك "أنا يمني أريد التغيير" لنجد إحدى ثمار الثورة وتجلي الروح الثورية من خلاله متجسده في نفوس هؤلاء الشباب لتصبح ترجمة حقيقة على واقعهم الإجتماعي لا السياسي فحسب بالأخص أن الكثير منهم بات مدركاً اليوم بأن نشر ظاهرة القات وتعزيزها في أوساط المجتمع اليمني بالأخص في أوساط الفئة الشابه منه كان قراراً سياسياً بالدرجة الأولى وعامل إبعاد وتخدير عن كل ما يعاني منه هذا الشعب من إستغلال لموارده وسلب للمتلكاته وأكل لحقوقه وظلم وإستبداد ألم به على مدار عقود. نقولها لروح الأستاذ أحمد جابر عفيف رحمه الله، هذا الأب المبادر في كثير من موضوعات حياتنا إبتداءً من الثقافة والفن إنتهاءً بالحريات وتغيير عادات المجتمع السيئه نقول له كان لابد أن ننتظر طويلاً لتقوم الثورة الفعلية لتأخذ الأمور مجراها الطبيعي ووقتها لتنضج الأفكار فيتمكن المواطن البسيط التعامل معها والإقتناع بها. كان لابد من ذكرك أيها الرائع في هذا المقام فقد أتى عملك الطيب ثماره وإن كانت متأخره أو منقوصه لكنها مبشره بالخير فشباب هذا الوطن الرائع رائعون بحجمه فثق بأنهم قادرون على فعل ما هو أكبر فمن ثاروا على من كانوا يخشون بطشه قادرون اليوم على سحق شجرة أمرها بأيديهم لا العكس