بعث رئيس كتلة الأحرار بمجلس النواب الشيخ محمد مقبل الحميري برسالة عاجلة إلى السيد عبدالملك الحوثي ذكره فيها بموقف من مواقف جدهم الحسن بن علي راضي الله وعنه كما ويدعوه فيه إلى تسجيل موقف في لحظة وصفها بالسانحة وستدخله التاريخ من أوسع أبوابه . وذكر الحميري وهو أيضا رئيس التكتل الوطني لأعيان تعز وعضو في مؤتمر الحوار الوطني ذكر في سياق رسالته الزعيم الحوثي ان المواقف العظيمة لا يتخذها الا رجال عظماء مهما كانت مؤلمة وارجو ان تكون منهم . وفيما يلي نص الرسالة : الاخ السيد / عبدالملك بدرالدين الحوثي المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يسعدني ان ابعث إليكم بهذه الرسالة في هذه اللحظة الحرجة التي يمر بها وطننا اليمني ، والذي اصبح مستقبله في مهب الريح كما وصفه مندوب الأمين العام للأمم المتحدة في خطابه يوم أمس ، ولانكم اليوم تعتبرون الشخصية الاولى في الوطن من حيث التمكن وبيدكم الاستطاعة ان تنقذوا الوطن من كارثة محققة اذا استمر الجميع في تمترس وعداء ، وها نحن نرى بوادر التشظي والفتنة الكبرى التي سيكون اليمن بكل أطيافه وأبنائه هم وقودها وضحيتها ، ونرى البعثات الدبلوماسية تغلق مقراتها وتغادر اليمن تباعا ، رغم ان بعض هذه الدول التي تتبعها هذه البعثات الدبلوماسية كان لها ادوار فعالة في الحالة التي وصلت اليها بلادنا لان هذه الدول لا ترى فينا جميعا الا مصالح شعوبها ولا يهمها ان تسفك دماؤنا ولا ان تزهق أرواح أبناء وطننا الغالي. اخي عبدالملك ان ما وصل اليه الوطن اليوم من سوء وأخطار نؤكد ان كل القوى ساهمت فيه بطريقة او بأخرى وبنسب متفاوتة ، ولكن الشئ الذي اصارحك فيه ان الفترة الاخيرة وخاصة ما بعد سقوط صنعاء أصبحتم أنتم المسئولون عنها وعن الأحداث المتسارعة التي نتجت بعد هذا التاريخ ، مرورا بإرسال المليشيات المسلحة لبعض المحافظات حتى صدور البيان الدستوري الذي صدر من طرف واحد ، والذي نسف كل الجهود وما تم إنجازه من تقارب وحوار ووضع الجميع على محك صعب ، مع علمي ان من حولكم سيقول لكم ان هذا القرار إرادة شعب وأنها ثورة ، ولا تراجع عنه ، ولكن هؤلاء لا ينظرون للواقع الا من مناظير محدودة ، وإلا كيف تفسر هذا الرفض الشعبي في معظم محافظات الجمهورية بما فيها العاصمة صنعاء رغم القمع لما تم ، ولا اعتقد ان عاقلاً سيقول ان هذه الجماهير الهادرة ليست من الشعب ، وفي نفس الوقت لا احد ينكر ان لكم جماهير وأنصار ولكنهم ليسوا كل الشعب . الاخ عبدالملك أكاد اجزم ان كل من حولك سيقولون لك لا تراجع ولا عودة الى الوراء لأنهم قد تهيؤوا لتوجه واحدٍ فقط ولم يفكروا بعواقب الأمور على وطن يسكنه اكثر من 27 مليون نسمة معظمهم يعيشون تحت مستوى خط الفقر ، ولكني اقول لكم هنا ان المواقف العظيمة لا يتخذها الا رجال عظماء مهما كانت مؤلمة وارجو ان تكون منهم ، واذكركم بموقف الرسول صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية عندما كان هو وأصحابه محرمين لأداء مناسك العمرة وقد ساقوا الهدي معهم فاعترضته قريش وجرى حوارا بين الطرفين أفضى الى عدم السماح للمسلمين بالعمرة في ذلك العام ، ورغم قسوة القرار على المسلمين والذي أوجد لغطا كبيرا في أوساطهم خاصة انهم لا بسين ثياب الإحرام وقد عقدوا النية على العمرة ، ومع ذلك كان موقف الرسول صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم موقفاً حازما وحاسما ، ولم يخضع لعواطفهم وضعوطهم ، والحادثة تعرفون تفاصيلها اكثر مني ، فما بالك وبقية من يخالفكم التوجه من أبناء الشعب اليمني ليسوا كفار قريش ، وهم احق بأخذ الاعتبار لآرائهم حفاظا على المصلحة الوطنية العليا وإخماد ًا أنار الفتنة التي تراد لهذا الشعب الأصيل. أخي الكريم : أنتم امام لحظة تاريخية سانحة لان تدخلوا التاريخ من أوسع أبوابه وتثبتوا للشعب اليمني اولاً وللعالم اجمع ثانياً أنكم لستم هواة سلطة ولكنكم هواة عدل ومساواة وإخاء ومحبة للجميع ، هذه الفرصة سنحت لمن كانوا قبلكم ولكنهم لم يلتقطوها ظنا منهم ان عتادهم وعددهم وحصونهم ما نعتهم من شعبهم وكان هناك من يزين لهم ان من يعارضهم ما هم الا شرذمة قليلون ، ففوتوا تلك الفرص التاريخية التي لا تمر الا نادرا وصحوا على واقع مر ووجدوا انفسهم قد خسروا كل شئ بما فيه التاريخ المشرف . أكتب لكم هذه الرسالة باعتباري احد أبناء هذا الوطن ويشهد الله ان حبي لوطني بكامله من المهرة الى صعدة هو الدافع الاول والاخير الذي حرك ضميري وألهمني لتحريرها لكم ، لآني ارى بأم عيني وطني الحبيب على أعتاب التمزق والشتات ولا يشرفكم ان يحدث ذلك في عهد قوتكم وسيطرتكم على كثير من المحافظات بما فيها العاصمة صنعاء ، ونذكركم بموقف جدكم الحسن بن على رضي الله عنه وعن والديه الذي تنازل عن السلطة طواعية من اجل توحيد كلمة المسلمين رغم انه كان الأفضل ، ولكنه رأى ان توحيد الكلمة أغلى من الزعامة ، فإذا انتصرتم على هوى النفس وعلى آراء المتهورين فإنكم ستحفرون حبكم في قلوب كل اليمنيين وستخلدون في ذاكرة الأجيال ، اما اذا أبيكم الا ان تقهروا إرادة الملايين المعارضة للاستيلاء على السلطة بالقوة واعتمدتم على عتادكم وعدتكم ولم تتركوا للحكمة منفذ فإنها والله هي الفتنة التي نسأل الله ان يجنب وطننا منها ، ولكم فيمن سبقوكم عبر التاريخ القريب والمتوسط عبرة وعظة .. اسأل الله ان يجعلكم ممن يستمعون القول فيتبعون احسنة ، ويلهمكم الرشد والصواب ، وينصركم على أنفسكم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. اخوكم المواطن اليمني