هذه المقالة تلخيص لكتاب يحمل نفس العنوان . ومن نافلة القول إنني كنت وحدوياً وحتى النخاع وتمثلت مشاركتي في الوحدة اليمنية قبل صفقة 22 مايو 1990 م المميتة في إعداد وتقديم برنامجين أحدهما إذاعي والأخر تلفزيوني تحت تسمية ( الوحدة اليمنية قضية ومصير ) وكانا يبثان من عدن إلى جانب محاضراتي وأعمالي بحيث أمتلئ الجو الوطني بالإطناب عن الوحدة اليمنية التي ستجلب الخير للشرفاء وتستكمل قضية السيادة الوطنية وكنت أول يمني جنوبي يكتب ويصدر كتاباً عن الوحدة اليمنية ( وحدة اليمن تاريخياً ) وكرس الكتاب الذي لقى رواجاً واسعاً على المستوى الداخلي والخارجي وترجم ونشر بعدة لغات وقامت الدولة العبرية كما عرفت مؤخراً بترجمته إلى العبرية فهؤلاء الأعداء يقرءون أفضل منا ويهتمون بكل مايمس أمنهم القومي في المنطقة كلها . وللحقيقة والتاريخ فالكتاب لا يعالج قضية الوحدة اليمنية المعاصرة ويتوقف عند عام 1934 م عام الحرب اليمنية – السعودية وكم كان الإمام يحيى وطنياً عندما لم يفرط بعسير ونجران وجيزان وأصر على أن توقع اتفاقية الطائف بصفتها مناطق تحت الاحتلال وتجدد الاتفاقية كل عشرين سنة قمرية .
أما صفقة 22 مايو 1990م المرة فقد كنا بعيدين عنها وعن ماقبلها من إعداد وتحضير شمل كل شيء وأضاع كل شيء والعتب الحقيقي على الأخ علي سالم البيض وهو يسلم دولة وأرض وثروة وجبروت وقوة جيش وأمن مرهوب الجانب في المنطقة كلها إنه لم يصر على أن يكون هو رئيس الجمهورية وحتى يقلب طرفي المعادلة في الوحدة المزعومة وكانت الكارثة غدر وجشع وطمع واغتيالات للكوادر الجنوبية أو تلك المحسوبة على الجنوب وشنت حرب حقيقية على الكوادر المؤهلة والقادمة من عدن والجنوب بحيث لم تأتي حرب عام 1994م الظالمة إلا مسك الختام لحرب عسكرية كان من نتائجها احتلال عدن والجنوب عسكرياً وكما مثل شاعرهم الأمر على أنه تم غرس رايتنا على جبال شمسان نافياً بذلك على أنها حرب من أجل الوحدة وكأنهم فتحوا القسطنطينية .
وصحيح أن الجنوب خسر عسكرياً ولكنه لم يخسر سياسياً فالنار ظلت تحت الرماد وحتى اللحظة المناسبة فتأججت وتطايرت شراراتها في كل إتجاة ونسوق دليلاً حياً على أنهم لم يكونوا يقاتلوا من أجل الوحدة المعمدة بالدم كما يدعون بل احتلوا الجنوب استكمالاً للبسط والطمع والجشع ونهب الثروات وسرقة المال العام وتحولت إلى فيد وغنيمة لهم ولولا بقايا الضغط الدولي لتحولت نساء عدن إلى سبايا ورجال الجنوب إلى عبيد في نظام لايزال يحتفظ بالعلاقات العبودية وليس فقط الإقطاعية وبدأ تقاسم عدن والجنوب وتم البسط والاستيلاء على كل شيء ففي 7/ 7/ 1994م مررنا بجانب قاعة الأفراح المسماة ذو ريدان – أول تسمية لتوحيد اليمن – وكان الجنود يزيلون يافطة ذو ريدان الوحدوية الزجاجية لتحول إلى قصر شخصي فهل هكذا تعمد الوحدة بالدم بإزالة كل شيء له علاقة بالوحدة اليمنية الثورية وبدأت السرقات والنهب فوراً للجبل والشجر والأرض والبحر تحت مسميات مختلفة أبرزها الخصخصة حيث بيع القطاع العام لأنفسهم بسعر التراب وبدأت مرحلة الانكسار والعودة القهقرى إلى الماضي المؤود وتم وأد ثورة 14 أكتوبر وتم إلغاء كل المكاسب الثورية للفقراء والشرفاء سواء كانت اقتصادية أوسياسية أواجتماعية وتبخرت أحلام البسطاء والمحرومين في مستقبل مضيء والأخطر والأدهى أن الوحدة اليمنية لم تحرمهم من الحياة الرغدة فقط بل سلبت منهم كل شيء كان في أيديهم وبدأ الفساد والإفساد وصار شيطان الرشوة المحرمة هو الحاكم والمتحكم بكل شيء وسرح جيش الجنوب وفي لحظات تلاشى أمن الجنوب ووجد الكثيرون أنفسهم في الشوارع أو في البيوت .
وكان الأمل كبيراً في أن قضية الجنوب العادلة ستحظى بحل عادل في إطار ثورة الشباب ولكن ثورة الشباب في الشمال نفسها تم احتوائها وكسرها وضاع أخر أمل في أن تتعافى الوحدة اليمنية وبدأ بريق أمل وخلاص حقيقي لشرفاء عدن والجنوب ويتمثل ذلك في الاستقلال الوطني الثاني الناجز في عدن والجنوب . أنهم هم من خلق ظروف وعوامل الانفصال الموضوعية ولسنا نحن فهم بسلوكياتهم وسياساتهم وفروا عوامل الانفصال الموضوعية بعد أن أهدر كل شيء وبدأت تتبلور الإرادة في الانفصال فهو المخرج المثالي لقضية الجنوب وبدأ شعار الانفصال يمتلك جاذبية ورونق وبريق أخاذ أكثر من الماضي وصارت الأسباب تتوالى لتعزز موقف الانفصال والانفصاليين وصاروا يسمون بالشرفاء تمييزاً لهم عن بعض الجنوبيين المدانين .
وعوامل وأسباب الانفصال عديدة وكثيرة منها الأسباب الاقتصادية والأسباب السياسية وأسباب الحريات العامة والخاصة والأسباب الاجتماعية والأسباب القضائية(وكر الفساد وماخور البصاصين والمخبرين والوشاة المعروفين) والأسباب الثقافية والأسباب الصحية والأسباب التعليمية والأسباب الإعلامية والأسباب الدفاعية بحيث تحول الجيش من الحدود إلى الداخل ليصبح جابي ضرائب وفي خدمة الأجانب أما الأمن فقد تفرغ للسمسرة بالأراضي وخدمة الأجنبي وتحولت الساحة في الجنوب إلى ميادين حرب تشن لإرضاء الأجنبي تحت يافطة قديمة جديدة هي الحرب على الإرهاب وهي تسمية كان الاستعمار البريطاني يطلقها على المنظمات الوطنية التي كانت تقارعه بالسلاح ويسمى الثوار والفدائيين بالإرهابيين ويضع على جباه الشهداء شريط لاصق مكتوب عليهاTERREST .
وفي الوقت الذي وجد البلد نفسه تحت الوصاية والانتداب الأجنبي اكتشفنا بشكل مذهل إنه لايوجد لدينا لا إرهاب ولا يحزنون وأن كل مافي الأمر أن الإرهاب مصدر إلينا من الدول العشر الراعية للإرهاب . وأما الأسباب الرئاسية فكارثية فأحدهم حكم 33 عاماً تعتق تفكيره عند حدود معينة ولا يستطيع أن يتقدم خطوة إلى الأمام وآخر عينوه رئيساً لمدة سنتين عن طريق استفتاء محدود في الشمال وانتهت شرعيته في 21 فبراير 2014م وهو مصر على انه رئيس على الرغم أن مدته انتهت ولم نسمع لا على استفتاء أو تمديد ما من أي جهة كانت له .وهم يعتقدون أننا أغبياء لا نفقة شيء من هذا فماذا يكون حال بلد تحت الانتداب والوصاية الأجنبية .
لذا ولأننا لسنا أغبياء ونعرف مصالحنا لذا ولأننا لسنا أغبياء ونعرف مصالحنا فقد قررنا الانفصال من أجل الحرية والثورة والسيادة الوطنية والتي سوف تتحقق بقيام دولة الاستقلال الوطني الثاني الناجز في عدن والجنوب .
* مؤرخ , له خمسة وعشرين مؤلفاً أكاديمياً أغلبهم منشور وما تبقى تحت الطبع . أحد مناضلي وجرحى ثورة 14 أكتوبر المسلحة في عدن . سفير في وزارة الخارجية ( بدون ترتيب وضع وظيفي