كتب : علي عبدالعزيز تشير عدد من المواقف القديمة، بين المملكة العربية السعودية، والدولة المصرية، أن زيارة العاهل السعودي لمصر شخصيًا، مساء اليوم، التي من المقرر أن تتضمن عددا من المباحثات بين البلدين للوقوف جوار مصر، ليست الأولى ولكن هناك عددا من المواقف التي تؤكد جدية وتصميم السعودية على مساندة مصر منها: اتفاقية الجلاء، والعدوان الثلاثي، وخلال حرب اليمن، وبعد نكسة 67 وأثناء حرب أكتوبر، وآخرها بعد 30 يونيو، وأن زيارة اليوم ستكون أكبر المواقف التي تعبر عن دفع الدولة المصرية إلى الأمام في وقت محنتها. اتفاقية الجلاء أدرك الملك عبد العزيز آل سعود, بكل وضوح الأهمية الاستراتيجية للعلاقات المصرية السعودية وانتهى إلى مقولته الشهيرة "لا غنى للعرب عن مصر ولا غنى لمصر عن العرب" فمنذ أن بدأ الملك عبد العزيز بناء الدولة السعودية الحديثة في عام 1902 حرص على إيجاد علاقة قوية مع مصر. وفى عام 1926 عقدت معاهدة صداقة بين البلدين، ثم وقعت اتفاقية التعمير بالرياض في عام 1939 التي قامت مصر بموجبها بانجاز بعض المشروعات العمرانية في المملكة، وكان لمصر والمملكة دور كبير في التوقيع على ميثاق جامعة الدول العربية، ثم كانت زيارة الملك عبد العزيز إلى مصر دفعة قوية للعلاقات بين البلدين. كما أيدت المملكة مطالب مصر الوطنية في جلاء القوات البريطانية عن الأراضي المصرية ووقفت إلى جانبها في الجامعة العربية والأمم المتحدة وجميع المحافل الدولية، وفى 27 أكتوبر 1955 وقعت اتفاقية دفاع مشترك بين البلدين حيث رأس وفد المملكة في توقيعها بالقاهرة الملك فيصل بن عبد العزيز. العدوان الثلاثي أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وقفت المملكة بكل ثقلها إلى جانب مصر في كل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وقد قدمت المملكة لمصر في 27 أغسطس 1956 مائة مليون دولار، بعد سحب العرض الأمريكي لبناء السد العالي وفى 30 أكتوبر أعلنت المملكة التعبئة العامة لجنودها لمواجهة العدوان الثلاثي على مصر. حرب اليمن بدأت التوترات السياسية بين البلدين في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، بسبب الخلاف الذي حدث نتيجة حرب اليمن، حين أرسلت مصر في 26 سبتمبر 1962 قواتها المسلحة إلى اليمن لدعم الثورة اليمنية التي قامت على غرار الثورة المصرية، وأيدت السعودية الإمام اليمنى محمد البدر حميد الدين، خوفا من امتداد الثورة إليها، وهو ما أدى إلى توتر العلاقات المصرية السعودية، إلى أن انتهت بالصلح بين ناصر والملك فيصل فى مؤتمر الخرطوم، بعد نكسة 67 عندما ساهمت السعودية في نقل الجيش المصرى من اليمن. نكسة 1967 عقب العدوان الإسرائيلي على الدول العربية مصر وسوريا والأردن عام 1967، توجه الملك فيصل بن عبد العزيز بنداء إلى الزعماء العرب بضرورة الوقوف إلى جانب الدول الشقيقة المعتدى عليها وتخصيص مبالغ كبيرة لتمكينها من الصمود. حرب أكتوبر أصدر الملك فيصل بن عبد العزيز قراره التاريخي أثناء حرب أكتوبر بقطع إمدادات البترول عن الولاياتالمتحدة والدول الداعمة لإسرائيل دعما لمصر في هذه الحرب, كما قام الأمير سلطان بن عبد العزيز بتفقد خط المعركة في أحد الخنادق على الجبهة المصرية. وقام الملك فيصل بن عبد العزيز بالطواف بموكبه في عدد من المدن المصرية في استقبال شعبي بهيج، وقد رفعت رايات ترحيبية كان من ضمنها لافتة تقول (مرحبا ببطل معركة العبور "السادات" وبطل معركة البترول "فيصل"). أحداث 30 يونيو رفض العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز بعد أحداث 30 يونيو التدخل الدولي في الشأن الداخلي المصري، معلنا وقوف المملكة بجانب شقيقتها مصر ضد الإرهاب. وأعلنت المملكة أنها ستقدم مساعدات لمصر بقيمة أربعة مليارات دولار وهو ما قابله تعهدات مماثلة من الكويت والإمارات، وقام الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي بالقيام بزيارة عاجلة لفرنسا ضمن جولته الأوروبية لدعم مصر. عقب إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية المصرية 2014, كان العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز أول المهنئين للشعب المصري وللمرشح الناجح عبد الفتاح السيسي, وقام بإرسال رسالة أوضح فيها أن المساس بأمن مصر هو مساس بالمملكة، كما دعا الملك عبد الله إلى عقد مؤتمر لأشقاء وأصدقاء مصر للمانحين لمساعدتها فى تجاوز أزمتها الاقتصادية. وشارك ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز في حفل تنصيب عبد الفتاح السيسي رئيسا لجمهورية مصر العربية. ومن المنتظر أن تتضمن زيارة العاهل السعودي اليوم، استكمالًا لمساندة المملكة السعودية للدولة المصرية، في ظل الوقت الراهن، وفتح مجالات استثمارية جديدة، وبعث رسالة طمئنة للعالم أجمع، بأن الدول العربية وفي مقدمتها السعودية مصممة على الوقوف بجانب الدولة المصرية.