وقد انتفضت عمران بدعم انصار الله واستكملت تطهير المحافظة في ذكرى احتلال الجنوب، ممن فرضوا وصايتهم على (ج ع ي ) واذلوا شعبها وبنوا جيشا مرتزقا يدين بالولاء لهم، ودخلوا الوحدة غدرا وخيانة، لنهب الجنوب وتدميره مثلما دمروا بلادهم، فانه مطلوب من هذه القوى مد يدها الى الشعب الجنوبي وقواه لتحرير كل البلاد (ما تبقى من الشمال ولتحرير الجنوب) من هيمنة هذه القوى، على اساس الاعتراف بإرادة الشعب الجنوبي وان القضية الجنوبية هي قضية الوحدة، قضية الوحدة التي انتهبت بالحرب وغزو الجنوب. وانها وحدة بين طرفين وليس بين فرع واصل او شطر وشطر، وهي مقولات ادت الى وحدة خاطئة ومفتعله، تم فيها مصادرة ارادة كلا الشعبين ولم تطرح للاستفتاء، ولا غرابة ان تفرض القوى الحاكمة في الشمال الوحدة بالحرب على الجنوب بعد ان فرضها عليه الحزب عبر بروباجندا الشطر والتشطير الذي يجب ان ينتهي حسب زعمه، مما جعل معارضة الوحدة في الجنوب جريمة لا تغتفر، واستغلت العصابات الحاكمة في صنعاء هذه البروباجندا ظاهريا لتفرض وحدة تقوم على اساس الاصل الذي له كل الحقوق والفرع الذي لا توجد له اية حقوق. وهتا نشكر الشيخ صادق ابو شوارب عن اعتذاره نيابة عن ابناء عمران لغزو الجنوب واحتلال عدن من القوى التي هُزمت في عمران. شكر لهذا الاعتذار، لكن، واتساقا مع جوهر الاعتذار، فانه يجب اتخاذ موقف ومبدأ مغاير لموقف القوى التي هُزمت والتي فعلت ما استوجب الاعتذار، وهو ان الوحدة لا تفرض بالقوة. وهذا الموقف المبدئي، لا غيره، سوف يخفف من كره الوحدة ومقتها الذي وصل الى كره كلمة الوحدة ذاتها لدى الشعب الجنوبي، وسيعيد الامل في بناء وحدة حقيقية على اسس صحيحة تأخذ خصوصية كل طرف بعين الاعتبار، لا يهيمن فيها طرف على اخر، وتقوم على اساس حق تقرير المصير للطرفين اذا رأى اي طرف ان في ذلك مصلحته. وبالمقابل سيلقى هذا الموقف تجاوبا لدى الشعب الجنوبي وسوف يتم اعطاء فرصة حقيقة للوحدة واعادة بنائها (والمدة محل توافق) فالجنوب لا يطالب بالاستقلال الا لأنه لا توجد وحدة بل احتلال، ولن يرضى بإعادة الوحدة بشكل مفتعل وعلى اسس غير صحيحة كما حدث عام 1990م، بل على اسس تجعل الجنوب شريكا نديا له كامل السيادة في ارضه ضمن سيادة السلطة الاتحادية التي تمثل الجميع حقيقة، وحدة لا تصادر ارادته، كما فهمها نظام العصابات في صنعاء، واعتبر اعلان الوحدة صك بيع وعبودية ومصادرة للإرادة، وانه هو الذي يكتب ويقرر مصير الشعب الجنوبي. وحدة لا تقوم على بروباجندا الفرع والاصل، ولا بروباجاندا الشطر، بل وحدة بين دولتين وطرفين كاملي الارادة، وتقوم على اساس طوعي وتستمر على اساس طوعي، وحدة تقوم على اساس حق تقري المصير في اعلانها وفي انهاءها اذا لم تحقق مصالح طرفيها، وليس في اعلانها فقط. هذه فرصة تاريخية لبناء تحالف قوي يزيل بقايا النظام المتهالك والقوى الفاسدة والعصابات الحاكمة في صنعاء، والتي استقطبت الفاسدين من الجنوبيين لتغطي على احتلالها للجنوب وتصادر ارادته من خلال تقديمهم للعالم كجنوبيين يدعون انهم يمثلون الشعب الجنوبي. اذا كانت القوى الحرة في العربية اليمنية تريد وحدة حقيقة، وتريد ان تنتصر للوحدة، فيجب ان تنتصر لمبادئ ومعنى الوحدة. واول هذه المبادئ الاعتراف ان الجنوب ككل طرف في الوحدة، وان تعترف ان الجنوب ليس مجرد محافظات كما كانت تردد تلك القوى التي قتلت الوحدة والتي انتصر ابناء عمران على جزء منها في عمران. وعليهم ابداء حسن النية من خلال عدم الاصرار على مصطلح محافظات جنوبية واستبداله بكلمة الجنوب. لقد قتل صالح وحلفاؤه الاخوان الذين جمعهم المؤتمر الشعبي العام قبل 1990 الوحدة بإصراره على الغاء شيء اسمه الجنوب، واطلاق تسمية المحافظات الجنوبية والشرقية يجسد روح الالغاء، وترديد مصطلحات نظام العصابات الذي كرهه الشعب الجنوبي وفقد ثقته فيه، سيجعل الشعب الجنوبي يفقد الثقة ويتوجس خيفة ممن يردده ويدعى انه مع الحق. ان البداية الحقيقة في بناء جسور الثقة بين القوى في العربية اليمنية (او الشمال اذا احببتم) وبين الجنوب هي تغيير المصطلحات اولا، والاعتراف بالجنوب كجنوب والشمال كشمال والابتعاد عن خلط الاوراق الذي ظهر في مخرجات ما سمي الحوار اليمني، ثم اعلان موقفا صحيحا من الوحدة، والا لن يكون هناك اي فرق بينكم وبين جلاديكم الذين ثرتم عليهم في شمال الشمال وانتصرتم عليهم اليوم. لا نطالبكم بان تتخلوا عن موقفكم الوحدوي، ولكن نطالب ان يكون حقيقيا لا يفرض الوحدة بالقوة ولا يصادر ارادة الجنوب ويلغيه. وهذا الموقف سوف يعطي الوحدة نفسا وروحا جديدة ويعطي فرصا كبيرة لنجاحها واستمرارها. فالشعب الجنوبي لا يطالب بالاستقلال من اجل الاستقلال، بل من اجل ان يشعر بسيادته في ارضه التي افتقدها بعد 1994 بوجود طرف هيمن على بلاده، ومن اجل كرامته، ومن اجل حقوقه، ومن اجل ضمان مستقبله، فان وجدها في الوحدة فلن يذهب للاستفاء على الاطلاق. وهذه ليست معجزات، فقط هي مسالة ارادة ونوايا صادقة، فان توفرت فستدجون الشعب الجنوبي متعاونا الى اقصى حد، وسيتم رسم عهد جديد وسوف تستطع شمس جديدة على الجميع .