سؤال فرضته عليا ردود الأفعال على مقال سابق بعنوان ( إذا كان تحول النوبة والمفلحي سلبي فالآلاف تحولهم إيجابي) ، ورأيت تناوله واجب من زاوية إثراء موضوع التحوُّل ، مع يقيني أنَّ البعض يرفضون هذا الافتراض (ماذا لو تحوَّل الرئيس هادي؟؟؟) .. يرفضون تناوله حتى لايُحضِّر الشعب الجنوبي نفسه لهذا الاستحقاق الوطني ، فقد تتضرر مصالحهم من تحضير شعبي نفسي صحيح لهذا الحدث المتوقع ولو بنسبة بسيطة . ولذلك سأتناول هذا الأمر ولن ألتفت للرافضين ، لأنَّه جزء من الواقع الذي نعيشه ؛ فالعميد النوبة الذي رفع راية الاستقلال وتحتها دخل السجون ، اليوم يسبح بحمد الوحدة . وهو الذي رفض الحورا اليمني ، ومنع الجنوبيين من القبول به ، وحرَّض الشعب الجنوبي على من قبلوا به ، ووصفه بكل نقيصة , نراه اليوم يسبح بحمد مخرجاته !! ويراها الطريق والمخرج لليمن السعيد على حد وصفه .
فلماذا نستبعد تحوّل الرئيس هادي ومن معه لصالح قوى الاستقلال والتحرير ، هم جنوبيون ، ويشعرون بما يشعر به كل مواطن جنوبي ، بل هم يعانون أكثر من المواطن العادي ، هم مهددون بالقتل في أي لحظة غفلة ، نتيجة لكثرة المؤامرات عليهم من شركائهم الشماليين في السلطة . والحملة الشمالية المعلنة الأخيرة التي نالت من الرئيس هادي ووزير دفاعه واتهامهم بالتواطأ على قتل العميد حميد القشيبي أكبر دليل على ما يُحاك ضدهم . . . مثل هؤلاء سيكونون انفصاليين أكثر من غيرهم . ولذلك لانستبعد حدوث هذا في أي لحظة . وإذا حدث هذا ؛ فهو يعني بداية مرحلة الخلاص ، فهؤلاء الجنوبيون الذين في السلطة هم قوة الترجيح ؛ هم قومٌ اعتادوا المناورة بكل شيء حتى المبادئ والثوابت الوطنية والتاريخية وبالتالي فهم أقرب للمناورة بمصالحهم في حالة ارتفاع تكاليف تحقيقها (وقد ارتفعت فعلاً) .
وعلى افتراض حدوث تحوّلهم الإيجابي ماهي ردود الأفعال الجنوبية ؟؟؟
الحالة الأولى ؛ في حالة أن القيادات الفاشلة استمرت سيطرتهم على القرار الجنوبي ولم تنتخب قيادة كفوءة جديدة ماهي ردة فعلهم إذا حدث التحوَّل ؟؟؟ هل تعطيهم مكانتهم وتتعامل معهم بأحجامهم أم ستقول (العملاء والخونة يعودون إلى بيوتهم وليس لهم موقع في القيادة) وهذه الثقافة الإقصائية سبق وأن نُفِّذت مع جنوبيين ممن يسميهم البعض بالزمرة ، عندما عادوا في 1988 وكان من بين العائدين العميد ناصر النوبة والعقيد الخضر قاسم أمشعوي . ونُفِّذت مرَّة أخرى في أبريل 1994 مع الجيش الجنوبي الذي انشق في 1986 عرضوا العودة وتوحيد الجيش للدفاع عن الجنوب في الحرب ورفضوهم . وإذا حدث هذا الاقصاء والرفض فهل سيكون للشعب الجنوبي موقف أو سيصمت كما صمت من قبل ؟؟؟ وماهو موقف المتحولين من هذا الأقصاء ؟؟
الحالة الثانية ؛ إذا حدث التحوّل الإيجابي وكان المتحولون بحجم كبير وقوة كبيرة جداً , ويستطيعون السيطرة على القرار الجنوبي وفرض قراره على الأرض ، هل يقبل الشعب الجنوبي تحقيق هدفه عبرهم ، ويلتف حولهم ، أو أنَّه سيظل في تبعيته للقيادة الفاشلة ويخوض معها معركتها ولن يقبل الحرية إلَّا عبرها ؟؟؟ وإذا حدث ذلك فمن المستفيد ؟؟؟
كل هذه الأسئلة سابقة لأوانها من زاوية الإجابة ، ولكنَّ التفكير فيها واجب لامحيص منه ، ولست وحدي معني بذلك ، وليس النخبة ، بل كل الشعب الجنوبي ملزم بالتفكير فيها من الأمس قبل اليوم ، ووضع حساباته ، فالقرار السليم به يكون التحرير ، والقرار الخاطئ به يكون السقوط . فلا تُسقِطوا أنفسكم وأنتم تنظرون .