قد يصيب العنوان القارئ بالذهول فالبارودي هو محمود سامي البارودي الشاعر ورجل الدولة في مصر وأحد قادة الثورة العربية عام 1881م في مصر مع أحمد عرابي ، والمرقشي أحمد عمر العبادي المرقشي عميد معتقلي الجنوب والقابع خلف زنازين الظلم والطغيان في صنعاء منذ 12/ فبراير/ 2008م والمعتقل ظلما وزورا وبهتانا بتهم كيديه أثبتت الأيام براءته منها. وما جمع بينهما هي أبيات لمحمود سامي البارودي من قصيدته وداع حين نفي إلى سرنديب بعد فشل ثورة عرابي عام 1882 م ونفيه مع أحمد عرابي وقادة الثورة إلى سرنديب "سيرلانكا " ، وهذه الأبيات أحببت أن أنشرها لكم أحبتي لأنني حين قرأتها وتمعنت في إشاراتها رأيتها تصف حال عميد أسرانا أحمد عمر العبادي المرقشي وهو خلف قضبان السجن والحرمان وعلى تلك الأرض التي ظلمه أهلها كيف مقامه فيها وفيها من الظلم ما أخنى دار ووطنه ! كيف المقام وهو يسمع الظلم يوميا ووقع هذا على أذنه كالشوك إن شكت بها أذنه، كيف المقام ورؤية وجوه وعدته وغدرت به وخانت ولا كانت ، ولكن إن كان الرضا بالذل والهوان ما رموا له فإنه لن ولم يرتضيه ولا يرضا الحياة بين أهله ذليلا واهيا راضيا خنوعا. كان البارودي أحد رواد وقادة الثورة العربية حرا أبيا عزيزا ورجلا عسكريا قبل أكثر من قرن من الزمان ، كتب قصيدته قبل قرن والقرن مئة سنة بينه وبين المرقشي الأسير ولكن كون المبادئ هيا الثابت والأشخاص زائلون خلد المبدئ شخص البارودي فالتقت مبادئه مع مبادئ الحر عميد معتقلي الجنوب أحمد عمر العبادي المرقشي وبينهما ما بينهما تسعون عاما ، ولكن الأحرار تجمعهم المبادئ التي حملتها الصدور فطابقت أبيات البارودي حال الحر حارس المبدئ اليوم وحياته في معتقله على الأرض التي ظلمته وظلمه أهلها ، اتهمته زورا وأرادت له حياة الذل فأبى أن يعيشها وأصر على البقاء حرا وإن غيبت حريته القضبان فحرية الوجدان والشخص والكيان هي المعيار ، ومقارعة السجان ، أفصح بيان لله درك أيها الصابر الحر الشامخ كالطود العظيم ، لقد استدعيت البارودي رحمه الله وأبياته وأعدت ذكره وذكر هذه الأبيات وقد مضى عليها وعليه زهاء القرن و أكثر ، لن أطيل عليك قارئي العزيز وإليك الأبيات من قصيدة البارودي رحمة الله عليه .
وداع: وَكَيْفَ مُقَامِي بَيْنَ أَرْضٍ أَرَى بِهَا* منَ الظلمِ ما أخنى على الدارِ وَ السكنِ# فسمعُ أنينِ الجورِ قدْ شاكَ مسمعي * و رؤية وجهِ الغدرِ حلَّ عرا جفني# وَ صعبٌ على ذي اللبَّ رئمانُ ذلة* يَظَلُّ بِهَا فِي قَوْمِهِ وَاهِيَ الْمَتْنِ# إذا المرءُ لمْ يرمِ الهناة بمثلها* تخطى إليهِ الخوفُ منْ جانبِ الأمن# فَلاَ تَعْتَرِفْ بِالذُلِّ خِيفَةَ نِقْمَة* فَعَيْشُ الْفَتَى في الذُّلِّ أَدْهَى مِنَ السِّجْنِ# وَكُنْ رَجُلاً، إِنْ سِيمَ خَسْفاً رَمَتْ بِهِ* حَمِيَّتُهُ بَيْنَ الصَّوَارِمِ وَاللُّدْنِ# فلا خيرَ في الدنيا إذا المرءُ لمْ يعشْ* مهيباً ، تراهُ العينُ كالنارِ في دغن#