تحولت اليمن إلى ساحة حرب وذلك بعد تزايد الصراع بين الحوثيين وتنظيم القاعدة في اليمن عقب التفجيرات التي استهدفت موكب للحوثيين في صنعاء أمس وما زال الخلاف السياسي يهدد الوصول إلى أي تسوية محتملة بين الفرقاء، إضافة إلى تأجيل الاتفاق على تسمية رئيس للحكومة. وعزز رفض الحوثيين تسمية أحمد عوض بن مبارك رئيسا للحكومة اندلاع موجة أعمال عنف جديدة، وزاد من غموض المشهد السياسي في بلد يعاني من صراعات معقدة. وقُتل أمس 63 شخصا في هجومين انتحاريين يحملان بصمات تنظيم القاعدة، استهدفا أنصار المتمردين الحوثيين في صنعاء والجيش في حضرموت بجنوب شرق البلاد، وذلك في ظل تعمق الأزمة السياسية وتزايد خطر انزلاق البلاد إلى نزاع معمم. وقضى 43 شخصا على الأقل، وأصيب عشرات آخرون في هجوم انتحاري استهدف أنصار المتمردين الحوثيين الشيعة صباح الخميس في صنعاء بينما كان هؤلاء يستعدون للتظاهر، بحسب ما أفادت مصادر طبية وأخرى مقربة من الحوثيين. وفي حضرموت، سقط عشرون جنديا في هجوم انتحاري آخر استهدف نقطة للجيش. تدخلات اقليمية ولعبت التدخلات الإقليمية دورا بارزا في زيادة حدة الخلافات السياسية والأمنية في اليمن، الذي يعاني تدهورا اقتصاديا ملحوظا، وضعة في قائمة الدول الأكثر فقرا على مستوى العالم، وغالبا ما تتبادل إيران والسعودية الاتهامات بدعم حركات التمرد والمسلحين من اجل مصالحهما الخاصة، خصوصا وان الطرفان يخشيان من تمكن الجهة التي يدعمهما الطرف الاخر من السيطرة على الحكم في اليمن ذات الموقع الاستراتيجي بالنسبة لكلا البلدين، كما يرى مراقبون ومحللون سياسيون، وهو أمر دائب البلدان على نفيه باستمرار. في سياق متصل أدت سيطرة الحوثيين الذين تربطهم صلة بإيران على العاصمة اليمنية إلى إحداث هزة في السعودية جعلت الرياض تبذل جهودا حثيثة لمنع غريمتها الشيعية من استغلال سيطرة المتمردين على صنعاء في خلق مشكلة في الفناء الخلفي للمملكة، وتنتاب السعودية أيضا مخاوف من أن يصب تدهور الوضع الأمني في اليمن الذي سيطر فيه المقاتلون الحوثيون على صنعاء في 21 من سبتمبر في مصلحة عدو قديم آخر هو القاعدة، وبالنسبة للنظام الملكي الحاكم في السعودية فإن الحدود المتعرجة الممتدة في جبال وصحراء نائية بطول 1400 كيلومتر مع اليمن الذي يعاني حالة من عدم الاستقرار كانت تشكل على الدوام كابوسا أمنيا. المنافذ البحرية أكدت مصادر أمنية في محافظة الحديدة غرب اليمن عن رصد تحركات مريبة لعناصر مرتبطة بالحوثيين في مدينة الحديدة ومن أبناء المحافظة لكنهم كعناصر قادمة من محافظات أخرى مسلحة لم تصل بعد ولا وجود لها.- بحسب جريدة عكاظ السعودية-. وأوضح المصدر أن الأجهزة الأمنية تتولى الإمساك بزمام الأمور على أكمل وجه وكذا الجيش ولا يمكن السماح لأي كان الإخلال بأمن واستقرار المحافظة، مبيناً بأن ميناء الحديدة وجميع المنشآت تحظى بحماية الأجهزة الأمنية، كما أن معسكرات الجيش تخضع لسلطة الدولة ولا صحة لوجود الحوثيين أو سيطرتهم على أي معسكر. وأشار المصدر إلى أن القوات العسكرية والأمنية المنتشرة على طول الشريط الساحلي سواء في باب المندب أو الخوخة تواصل تأمينها للخط البحري وتتمركز في مواقع لحماية الخطوط الطويلة وبما يؤمن للمسافرين الذهاب والإياب إلى مدينة الحديدة التي تشهد هذه الأيام توافد كثير من أبناء المحافظة الأخرى إليها وخاصة العاصمة صنعاء ولا يمكن أن نسمح لأي كان سواء القاعدة أو الحوثيين الإخلال بأمن واستقرار مدينتنا. من جهة أخرى تشير تسريبات عناصر الحوثي إلى أنهم عازمون على الوصول إلى محافظة الحديدة وباب المندب بهدف السيطرة على المنفذ الدولي ومنع تحركات السفن التجارية الدولية إلا برسوم تجارية وبما يصيب بعض المنافذ البحرية والدولية بالشلل التام في إطار خطوة للسيطرة التجارة البحرية والاستمرار في تلقي الدعم من إيران عبر البحر. إلى ذلك اعتبر مدير المركز العربي لحقوق الإنسان ومناهضة الإرهاب آشا خالد محيي الدين الشيباني أن سيطرة الحوثيين على باب المندب يعد خطراً يهدد أمن واستقرار دول المنطقة بكاملها والقرن الأفريقي ولا خلاص لذلك إلا بتحرك دولي لحماية المياه الإقليمية ومنع سيطرة الحوثيين على باب المندب. وأوضح أن سيطرة الحوثيين على باب المندب قد يعطي تنظيم القاعدة فرصة لخوض مواجهات في صحراء المخا وباب المندب والخوخة وبعيداً عن المدن السكنية التي ما يلجأ إليه الحوثي لكن القاعدة تبعد عنها ولعلنا نشاهد أن القاعدة دائماً تتجه نحو الصحاري وآخرها ما حدث في محافظة الجوف لكنه يشكل خطراً على الخطوط البحرية الدولية. من جهة أخرى حث مسؤولان عسكريان يمنيان، عناصر الجيش في أربع محافظات جنوبية، على الحفاظ على جاهزيتهم القتالية. وطالب، رئيس أركان المنطقة العسكرية الرابعة العميد الركن صالح علي حسن، خلال زيارة تفقدية له إلى القوات المرابطة على امتداد الحزام الأمني لمثلث محافظاتعدن ولحج وأبين، الجيش فيها باستيعاب متطلبات المرحلة الراهنة والظروف العصيبة التي تمر باليمن. من ناحيته شدد قائد المنطقة العسكرية الثانية اللواء الركن محسن ناصر قاسم، ومقرها في محافظة حضرموت، لدى زيارته إلى وحدات الحراسة في قطاع ميناء الضبة النفطي، وقوات الأمن الخاص في المكلا، على تعزيز وحدة الصف القتالي والبقاء دوما في جاهزية فنية وقتالية عالية. وتشهد المناطق التابعة لتلك المحافظات اشتباكات متقطعة بين عناصر من تنظيم القاعدة ووحدات من الجيش اليمني، وعمليات ملاحقة للجيش ضد عناصر القاعدة الفارين. من جهتها قالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد إن الاتفاق الذي وقعته حكومة اليمن مع الحوثيين يتوافق بشكل عام مع الشروط اللازمة للحصول على قرض من الصندوق رغم العدول عن بعض التخفيضات في الدعم. ووافق صندوق النقد في يوليو الماضي على تقديم قرض لليمن بقيمة 553 مليون دولار على مدى السنوات الثلاث المقبلة بعدما تعهدت الحكومة بتنفيذ إصلاحات اقتصادية طموحة تتضمن خفض دعم الوقود بنحو 50 في المئة وزيادة إيرادات الضرائب.