أخطأ رئيس الاتحاد الأوربي والنجم الكروي الأسبق ميشيل بلاتيني المرمى عندما «حشر» أنفه في مسألة لا تعنيه. لم يبالي لأمر الكرة بالقارة السمراء وكيفية تطويرها ودعم الفتيان والشباب فيها لممارستها على نطاقات طبيعية، فحشر أنفه في مسألة تنظيمية لا تخصه، وذلك حين دعا إلى تأجيل البطولة الإفريقية المقررة يناير المقبل بالمغرب بدعوى الحفاظ على صحة الجميع من خطر فيروس «إيبولا». ما قاله النجم الفرنسي الأسبق كلمة حق أُريد بها باطل، لذلك لم تتأخر «هيئة حياتو» فأسمعته ما لا يسمع، ما حدا به لاحقاً إلى مطالبة كبير الاتحاد الإفريقي إلى تقديم اعتذار رسمي له بسبب ما اعتبره خدشاً لكرامته مؤكداً أنه لم يتدخل في أمور خاصة بقارة أفريقيا كما يدعى حياتو.
ما قاله نجم يوفنتوس الأسبق كلمة حق أُريد بها باطل،، فهو، مثل أي أوربي آخر أو الرجل الأبيض في العهود الغابرة، لا يهمه صحة الأفارقة ولا لاعبيها أو شعوبهم، إنما الذي يعنيه ابتداء وانتهاء الأندية الأوربية المنخرطة في اتحاده، فهو لا يريدها أن تفرغ خلال هذه الفترة من نجومها السمر، وألا تتكبد (الأندية الأوربية) مصاريف إضافية -هي في غنى عنها- لاستقدام لاعبين بدلاء خلال هذه الفترة، وهو لا يريد وجع رأس إضافي يأتيه من الأندية الكبيرة تطالبه بوقف الهجرة نحو الجنوب خشية تعرض بعض لاعبيها لهاجس الإصابات. إنه (كما غيره من الأوربيين) لا يريد أن تستفيد منتخبات القارة السمراء من لاعبين ترهق الأندية الأوربية في تكوينهم وإعدادهم ولا تعثر عليهم عند الحاجة بحسب تفكيرهم!
لو كان هذا الرجل وغيره من الأوربيين يريدون خيرا للقارة السمراء ولاعبيها لمنعوا الاتجار باللاعبين الأفارقة الناشئين، وحرموا أنديتهم الأوربية، الكبيرة على وجه التحديد، من استنزاف الأندية الأفريقية من لاعبيها الشباب والناشئين دون أن تمنحها وإياهم حقوقهم. ولو كان يهمه أمر أفريقيا لدافع عنها بالمحافل الكروية وطالب بمقعد إضافي لها بالمونديال.
ما يطالب به بلاتيني لا يخلو من عقلية الوصاية والأبوة التي ما يزال يتعامل بها الأوربي مع غيره من الشعوب خصوصا الأفريقية والعربية.. وهي لا تختلف عن تلك الوصاية التي يفرضها «الآباء» في «البيت الأبيض» بزيوريخ بشأن سحب مونديال 2022 من قطر أو إقامته في الشتاء بدلاً من الصيف أو في شهر مايو وأبريل حماية لمنتخباتهم ولاعبيهم ومشجعيهم ليس إلا. وهي في النهاية امتداد للوصاية «السياسوية» التي يفرضها الغرب على بقية شعوب العالم!
ترى ماذا سيكون رد فعل «الرجل الأبيض» الأوروبي لو طلب منه تأجيل الدوريات المحلية بعد اكتشاف حالات الإصابة بفيروس إيبولا في ألمانيا وإسبانيا؟ وماذا سيكون رد فعله لو طلب منه تجميد المسابقات الأوربية كلها بسبب الوضع المتدهور في أوكرانيا؟
لن أبحث عن جواب هؤلاء لأنه معروف، ولكن أرى أن بلاتيني أخطأ في العنوان والمرمى، لذلك ارتد ضده طلبه قبل أن «يرتد» إليه طرفه.. فألقمه كبير الاتحاد الإفريقي حجراً، لعله يصمت قليلاً أو يتوارى عن المشهد ولو مؤقتاً.