يبدو ان الحكمة الشهيرة المتعارف عليها في المجتمعات العربية والإسلامية القائلة ان المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين لا يتم الاخذ بها في الجنوب تحديدا على عكس سائر مختلف الشعوب العربية والإسلامية والتي تعني استحالة ان يسمح المؤمن بتكرار وقوعه بنفس الخطاء الذي ارتكبه بفعل الخديعة التي نصبها له نفس الاشخاص وبنفس الاسلوب ولنفس الهدف . تكمن دلاله هذه الحكمة الثمينة بان كل شخص مهما كان ذكائه يمكن ان يقع في الخطاء وهذا ليس عيبا بقدر ما يتجسد العيب ان يتكرر وقوعه مرة اخرى بنفس الاسلوب والهدف بل ومن قبل والاشخاص عينهم وحق اطلاق صفه الغبي فعلا على امثاله الذين لم يستعيضوا بدروس التاريخ و تجارب المجتمعات البشرية القديمة والحديثة التي استفادت من تجارب اسلافها لتامين حريتها واستقلالها والحفاظ عل ثرواتها ومستقبل شعوبها فما بالكم ممن لم يستفيدوا من تجاربهم الشخصية. وفي واقعنا الجنوبي يمكن لأي شخص يتمتع بمقدره متواضعة على التحليل كحالتي ان يستنتج نوعية ومراحل ونتائج الاساليب المستخدمة من قبل نظام الاحتلال منذ نشوء الحراك وحتى يومنا هذا ونوجزها بثلاث مراحل هي : المرحلة الاولى : واستخدمت فيها وبقوه كل اساليب الترهيب كالقتل والاعتقال بحق قيادات الحراك ونشطائه من الشباب وكانت نتيجتها عكسيه فلم يوفق النظام في ارهاب تلك القيادات بل توسعت شعبيتهم وغرست حاله الحقد والكراهية للنظام بين اوساطهم . المرحلة الثانية : والتي ادخل عليها النظام اساليب الترغيب بالتزامن مع الاساليب الإجرامية وخاصة شراء بعض الانتهازيين وضعفاء النفوس من القيادات والشخصيات الجنوبية الحراكية وغير الحراكية لتفريق وحدة الصف القيادي للحراك الشعبي سواء بدفعها لتفريخ المكونات الحراكية او لطمها بالسلطة واحزابها ولاقى هذا الاسلوب بعض النجاح على المستوى القيادي فقط وفعلا ساهمت بإطالة فترة النضال التحرري لكنها فشلت كليا في التأثير على الشارع الجنوبي الذي اتهمها بالخيانة واجمع على نبذها من ساحات ميادينه النضالية. المرحلة الثالثة : وفيها توصل النظام لقناعه تامه بفشل مختلف الاساليب السابقة في تحقيق اهدافه نتيجة تعاظم قوة الحراك الحقيقية المتمثلة بعامة الشعب الذين وقفوا سدا منيعا امام مخططاته فعمل على اتباع سياسة جديدة اساسها التهدئة لضمان المحافظة على استمرارية بقاء الوضع الراهن مع مواصلة ردود الفعل القمعية التي تتطلب ذلك فقط عند الضرورة مع الاقتناع الكلي للنظام بان سلاح الوقت وحده كفيلا دون غيره بالقضاء التدريجي على الزخم الحراكي وايصال جماهيره لمرحلة الياس للقبول بمخططاته كأمر واقع في ضل مواصلته لأساليب التفريخ للمكونات وشراء الذمم للتعجيل بالنتائج وفعلا نجح النظام باتباعه هذا الاسلوب واصبح مع بداية هذا العام قريبا جدا من نجاحه ليس في اضعاف هذا الزخم وانما ايضا شارف على شل فاعليته التي كانت تهدد بقاء الجنوب تحت الاحتلال ولولا المتغيرات الجديدة في صنعاء التي توجت بسيطرة الحوثيين على صنعاء ومفاصل الدولة العسكرية والمدنية لما تمكن من الوصول الى هذا المستوى من القوة والفاعلية التي اصبح عليها اليوم ومن ينكر ذلك من قيادات الحراك او قواعده فإنما يرجع ذلك للغباء في فهمهم للواقع او التعصب في الطرح والبعيد كليا عن الموضوعية . لقد فتحت هذه الاوضاع مرحلة جديدة من مراحل ثورة الجنوب لا ينكر فيها احدا انها وصلتها الى اعلى مراحل القوة والانتشار ولن تليها سوى مرحلة التنازل العكسي السريع اذا لم تستغل بشكل فاعل وتتبنى اساليب متنوعة وعاجلة تمكن من استغلال هذا الوضع لبسط نفوذ الحراك على ارضه وتمكين الجنوب من استعادة دولته قبل فوات الاوان. خاصة في ضل ازدياد الدعوات المطالبة بالجلوس والانتظار في الساحات ومواصلة الاعتصام السلمي لانتظار اليوم الموعود والتحجج بالحفاظ على الارواح والممتلكات والصبر على محتل لا يتورع عن استخدام مختلف الاساليب للقضاء على الزخم الحراكي ومنها على سلاح الوقت والتهدئة والحفاظ على الوضع القائم او التي اسهمت وستسهم معها ايضا عملية اطالة فترة الثورة السلمية لتحقق وعن دون قصد مع سلاح الوقت نفس النتيجة التي راهن عليه المحتل . نأمل من الجنوبيين وقياداتهم الحراكية التنبه لخطورة هذا السلاح الهادئ المتزامن مع التهدئة التي يحرص عليها لنظام ويعتبرها اليوم سلاحه الرئيسي في مواجهة الحراك فالتهدئة واستمرار الاوضاع كماهي عليه لا تخدم الا المحتل ولنستفيد من الحكمة التي افتتحت بها هذا المقال [المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ]ام اننا فقط الذين نسمح لمثل هذه القيادات بمواصلة السلمية العقيمة التي حتما ستعرضنا اطالة مدتها للدغة الثانية والتي يجب ان يعلم الجميع انها ستكون اللدغة القاتلة لثورة الجنوب.