لأن وجودك معطوب بما يكفي.. تتخلى عن بعض ثقافتك المسالمة ، وتقتني مسدساً روسياً ، دون أن يشعر بك غاندي وكنج وشكسبير ، وكل رفاق الكتب الطيبين.. تضعه للمرة الأولى حول خاصرتك الحداثية ، وتصلح ربطة العنق على طريقة (الباتشينو) في فيلم الأب الروحي.. تغدو مشيتك أكثر ثقة ، ويبدو لك الشارع أضعف من ذي قبل ، حتى أنك لا تكترث لعضلات وغد مفتول ، أمضى ساعات مضنية في قاعة التدريب وحمل الأثقال ، قبل أن يصبح (سواق دباب) بلطجي ، يعاني الباسور والسكر ، ويحتقر قواعد العيش المشترك وإشارات المرور.. - عيب عليك ، أنت واقف وسط الطريق ! تصرخ بلكنة رجل عصابات مسلح ومبتدئ.. - مش هي حق أبوك ! يأتي رده سريعاً ، ويهرع نحوك معززاً بالباسور والسكر وصميل خشبي عليه صورة الزعيم.. تترجل من سيارتك ، وتُخرج مسدسك اللعين ، في رهان خاسر على ممكنات تراجع خصمك (المبوسر) ، فعبثاً تلوح بصديقك الروسي الجديد ، وعندها تدرك ضرورات اللحظة في ضغط الزناد الأخير ، لكن غاندي وكنج وشكسبير وكل رفاق الكتب الطيبين ، يقفزون فجأة إلى رأسك المهدد بصميل (الزعيم) ، فتفقد قدرتك على صياغة القرار في وجه الشك ! تقضي أياماً في المستشفى ، رفقة كتاب السلم والحرب لتولستوي ، وممرضة هندية ، لا تشبه أبداً نجمات بوليوود ، وتغادر مع رائحة (الديتول) وعشر غرز على رأسك المثقف..!