بعد يومين أو ثلاثة سيغلق عام 2014 أبوابه ونوافذه، تاركاً وراءه ذكريات بألوان مختلفة، بعضها لم يسقط من الذاكرة، وبعضها الآخر أدركه النسيان. فالألمان لن ينسوا إنجازهم التاريخي في مونديال السامبا، وهو الذي انتظروه طويلاً، منذ أيام القيصر، والبرازيليون لم يستيقظوا بعد من هزيمة تاريخية على يد المانشافت الألماني (7-1)، وهي النتيجة التي أدخلت البرازيليين تاريخ الهزيمة مرة أخرى بعد العام 1950، ولم يصدّق العالم أن سحرة العالم يهانون في بلدهم، وأن التباهي بنيمار وأوسكار لن يجعل البرازيل بين الكبار، فسباعية ميركل في شباك روسيف أجبرت أحفاد بيليه على القبول بمبدأ انتقال الدورة الكروية من أميركا اللاتينية إلى أوروبا، على رغم أن الأرجنتين سعت إلى الدفاع عن سمعة هذه القارة التي أضحت تنجب لاعبين مبدعين لا منتخبات تثير الرعب في خصومها. ففوز الألمان مثّل حدث العام بامتياز. وعلى صعيد آخر فإن مشاركة محاربي الصحراء الجزائريين شكّلت هي الأخرى لحظة فارقة بعد الأداء غير المخيّب، ولعب الدور الثاني الذي أحرج فيه رفاق إبراهيمي العملاق الألماني وأبقاه 120 دقيقة في حال شك غير مسبوقة، بشهادة نوير ومولر. وعزّزها منتخب الجزائر بأداء قوي في تصفيات كأس أمم أفريقيا، ما جعله المرشح الأول للفوز باللقب. وأما الحدث العربي الآخر، فهو السجال الذي استمر أسابيع عدة بين المغرب والاتحاد الأفريقي لكرة القدم، بعد أن طالب الاتحاد المغربي تأجيل دورة أمم أفريقيا إلى وقت لاحق، أي بعد انحسار وباء إيبولا، غير أن حياتو رفض بشدة، واعتبر قراراً كهذا إعلان شهادة وفاة الكرة الأفريقية، وراح يبحث عن بلد آخر لتعويض المغرب، ليفاجئ العالم بتنظيم دورة 2015 بغينيا الاستوائية، وللتعبير عن غضبه من قرار أسود الأطلس، لم يحضر كأس العالم للأندية، ما أوقع الطرفين في ما يشبه الحرب الباردة الصغيرة. وعربياً، يمكن اعتبار دورة كأس الخليج التي احتضنتها الرياض منذ أسابيع واحدة من أهم أحداث العام، لأن رهانات المنتخبات المشاركة كانت عبارة عن تحديين، الأول في نيل لقب خليجي 22، والثاني التفكير في موعد أستراليا الآسيوي، وتفاوت أداء المنتخبات بين انتعاش الكرة اليمنية، وتراجع الكرة الكويتية، واستفاقة الكرة السعودية، وتذبذب الكرة العُمانية، وتثاؤب الكرة العراقية، وتراخي الكرة الإماراتية، وتقاعد الكرة البحرينية، وتألق الكرة القطرية، ومع هذا فإن المخاوف بمستقبل هذا الموعد الكروي التنافسي تنذر بزوال بريقه، إذ إن الجمهور بدأ يعبّر عن عزوفه لأسباب قيل بأنها معاقبة للأخضر السعودي الذي أضحى يحلب خارج الوعاء. بينما يقول آخرون إن الأمر يتعلّق بعولمة الكرة التي جعلت الناس يعيشون افتراضياً في الليغا والبريمر ليغ والكالتشيو والبوندسليغا، إذ تتناطح الأندية الكبيرة ويتصارع النجوم. وأما آخر حدث، فهو الحرب الطاحنة بين ميسي ورونالدو وبينهما نوير من أجل الكرة الذهبية، التي كانت سبباً في تجاهل النجم البرتغالي لبلاتيني في حفلة تسليم كأس بطل العالم للأندية، كون رئيس الاتحاد الأوروبي أبدى رغبة في أن يؤول اللقب للحارس الألماني، وهو ما اعتبره الريال ومناصرو كريستيانو تعدياً على حق نجمهم في نيل الثالثة، فيما يتربص ميسي بالخامسة. فهل ستكون الأولى لنوير أم تحجب إرضاء لريبيري الذي قال أوقفوا كرة الفضائح.