غابت عنا شمسها "الابتسامة" في غمرة ضعفنا نجد الابتسامة الصادقة ملاذً من الشتات الذي نعيشه ,لقد صحت مقولة "الابتسامة صدقة " , الابتسامة دواء لكل داء نفسي, حين تجد من يقف بجانبك ويمد يده ليجعلك تهب واقفاً على قدميك ويعطيك الشعور بالقوة والحب والاهتمام , تنجح في تخطي ضعفك وتصبح قوياً وصلباً ومرحاً الابتسامة عدوى ايجابية من خلالها تنتقل نفحات الحب من شخص إلى آخر ويصبح التفاؤل مبدأ سامي رغم كل المنغصات والمكدرات , وكم هي الابتسامات التي صادفتنا في حياتنا ورغم كثرتها لم نشعر كلياً بصدقها أو أنها لم تقنع بعد ذالك القلب المكسور الذي ينتظر المساعدة ومد يد العون , ولكن في المجمل فان الابتسامة الصادقة دواء فعال لتجاوز كل تلك الأزمات التي يمر بها الإنسان, قد لا تستطيع ان تقدم شيئاً مادياً لمساعدة غيرك ولكن بابتسامتك ستساعد في إزاحة العائق النفسي الذي يجعل من الصغيرة كبيرة كما يقال دائماً وتجعل الشخص المتلقي لتلك البسمة الصافية والصادقة قادراً على التحاور مع مشكلاته بصورة ايجابية مما يسهل حلها وتجاوزها حقاً ان الابتسامة عالم جميل مصدره الفم النابع عن القلب الصادق والنقي , تلك الروح التي تحب الجميع تعبر عن نفسها بالابتسامة , تلك القلوب الحانية المتألمة لحال غيرها تعبر عن نفسها بالابتسامة , تلك العيون الصادقة الحنونة تعبر عن نفسها بالابتسامة , تلك الأيادي الرطبة التي تحط على الجسد المضني لا تستطيع ان تصل برسالتها الى أعماق أعماق المتلقي الا إذا عبرت عن نفسها بالابتسامة, الابتسامة عالم جميل وخلاب, والأعجب من كل ما قيل إنها لا تكلف النفس مالاتطيقه , فهي فعل نابع من القلب يصفي العقل والروح من الضغائن ويساعد في توحيد القلوب وإيجاد بيئة صحية خالية من الكره والغل والابتسامة لاتشترط لجدوثها أي شرط , ولاتعني فقط القريبيين منا ولكنها شمس تضئ في سماء الجميع, لكل شخص ان يبتسم لاخيه, في الشارع أو العمل او المنزل او أي مكان آخر , ان كنت مشرعاً قانونياً لجزمت بتدوين مادة تقول " لكل مواطن الحق في ان يبتسم "! اذكر حكاية جميلة قرأتها منذ فترة عن الابتسامة تحمل العديد من المضامين الرائعة التي نغفل عنها اليوم في حياتنا , الحكاية تقول كان هناك عجوز وحيد دون اسره تسكن بجواره عائلة سعيدة دائماً لاتغيب البسمة عن شفاتهم , هذا الرجل العجوز بوحدته القاتلة كان عبوس الوجه يتألم دائماً على ضياع عمره دون ان يكون اسرة أو ينعم بحال ميسور كالتي تنعم بها العائلة التي بجواره , وكان كلما يراهم او يرى غيرهم من الناس في غمرة من السعادة يدخل في بكاء هستيري مكبوت وان كانت العائلة بجواره تسمعه دائماً وتتألم لحاله ولكنها لاتدرك كيف يمكن ان تساعده , ذات يوم قرر رب العائلة زيارة العجوز في منزله والاطلاع على حاله , كان غرض الزيارة بالأساس معرفة سر بكاء الرجل الكهل ولكن دون السؤال مباشرة عن ذالك , وكان رب الأسرة حكيماً يدرك كيف يتذوق الكلمات قبل ان يقولها , دخل عليه في منزله وجلس يتحدث معه , سأله عن حاله واخبره بحقوق الجار معاتباً له بان لماذا لايزورهم ويجلس معهم فهو بمثابة الاب له ولزوجته والجد الودود لاولاده , ثم سأله عن أولاده هل له اولاد , اجاب العجوز بالنفي وانه لم يتزوج وقد ضاعت سنين عمره في أشياء لا طائل منها ولم يكون يوماً عائلة , اخبره رب الأسرة بأنه _اي العجوز_من افراد عائلته منذ فترة طويلة ولكن حاجز عدم المعرفة كان سبباً في عدم التعرف عليه مسبقاً ولكنه من اليوم قد اصبح من العائلة واخبره بان اولاده دائماً مايسالون عن حاله ويعتبرونه بمثابة الجد لهم , كان رب الاسرة يقول هذا الكلام وهو يبتسم بصدق معبراً عن تعاطفه ضمناً مع هذا الرجل وقد عرف اخيراً سر تعاسته وعبوسه وبكائه , منذ هذه الزيارة الجميلة اختفت مسحة الحزن والتعاسة من وجه العجوز وصار مرحاً ودائما ,يذهب الى هذه الاسرة وينعم معهم باوقات جميلة ,يشاركهم طعامهم واحاديثهم ويعنى باحفاده الصغار ويروي لهم بعض القصص وهو يبتسم دائماً , اصبحت الابتسامة ظاهرة تمتطي وجه العجوز حتى ان كثير من جيرانه كانوا يستغربون سر هذا التغير المفاجئ في حالته وقد اصبح اجتماعياً فجأة واعتبر جميع الجيران اولاده , يزور هذا ويقدم الهدية لهذا ويتحدث معهم كالوالد المحب والجميع ينصت له باحترام ويبادلونه السؤال والاهتمام , حتى صار محبوباً ولقب بالاب , حتى انه اصبح يساعد بعض المعسرين في فهم الحياة ويمد لهم يد العون ويشعرهم باهميتهم وانه لايمكن الاستغناء عنهم وكثير منهم تجاوزوا ماكانوا فيه من شتات واضاءت انوار حياتهم من جديد , هذا العجوز العابس لم ينسى فضل الاسرة قط بل ظل مداوماً على زيارتهم بشكل شبه دائم وقد ساعده رب الاسره وكثير من الجيران "اولاده" في ان يصبح واعظاً ومرشداً لطريق النور والابتسامة والحب النقي, اصبح يساعد كثير من الناس, لانه وحده من كان يملك مفاتيح الابواب الموصدة, فهو اكثر من كان يشعر بمعاناتهم واكثر من يدرك الخيوط الحساسة التي ستغير من حياتهم , مات هذا الرجل وقد أصبح مشهوراً في مساعدة الناس واعانتهم على الآمهم , خلده الكثيرون في قلوبهم وتداولت قصته في ارجاء البلاد , بعد ان كان حزيناً , منعزلاً باحزانه عن العالم , أصبح مشهوراً ومات سعيداً ولازال الجميع ينادونه بالأب ورغم انه لم يكن اباً فعلياً الا انه أصبح أباً ضمياً للمئات , وما أعظمه شان وأهمية وسط قلوب الناس, وكل ذالك سببه زيارة صادقة وابتسامة صادقة وأسلوب صادق وكم نحن بعيدون عن تلك الأساليب الفعالة في حياتنا الابتسامة لون جميل يزين لحظات حياتنا بالقوة ويضفي عليها طابع المحبة والود , شفاء لما في الصدور من حزن وغم , ودواء لما في القلوب من حقد وغل , ونجاه للآخرين من حالهم وعبوسهم , استطيع ان اقول ان الابتسامة الصادقة تدك الجبال المترسبة في خيالنا وتمسح ترسباتها النفسية, لنصبح أكثر قوة وأكثر تعاطياً مع الحياة من ذي قبل , تبادلوا الابتسامة مع الجميع وانسوا أحقادكم فهي المانع دوماً للعبور نحو الآفاق المش بصورة مختلفة !.