الموقع الجيو- سياسي لليمن هو ما يجعل من مسألة الأمن والاستقرار فيه حاجة دولية كما هي حاجة وطنية أصلا , انطلاقا منه رحب المجتمع الدولي بالدولة الوطنية اليمنية الناشئة عام 1918م التي أقيمت بقوة الشرعية الثورية , انقلاب ( العكفة ) 26/9/1962م لأسباب داخلية وإقليمية ظل مشروع (ثورة) لم يكتمل وسقط في فوضى 21 مارس 2011م المدرعة ,كذلك الدولة الوطنية الناشئة في الجنوب 30/11/1967م أقيمت بقوة الشرعية الثورية , لأن 14 أكتوبر 1963م ثورة حقيقية تواصل مشوار بناء الدولة المدنية التي أسقطت بعد ذلك بحرب صيف 94م الظالمة . القوى الكبرى الغنية ظلت متجاهلة اليمن المنهك الفقير مع كل أهميته للأمن والسلم الدوليين , ضجيج فوضى عام 2011م صعقت غفلته وتجاهله فأصطف على عجل خلف الرئيس هادي دفاعا عن مصالحة بالممرات المائية بالمنطقة , المعيب في الالتفاتة الدولية المتأخرة تزامنها مع الأزمة المالية العالمية فأوكلت الملف اليمني لمقاولة لصالح قوى إقليمية , المصالح الأمنية للإقليم لها محاذيرها من مطالبات الدولة المدنية على خاصرتها الجنوبية واحتمالات انتقال عدواها لبلدانها , تناقض احتياجات المصالح الدولية مع المتطلبات الأمنية لدول الإقليم كانت المعرقل الرئيسي للعملية السياسية اليمنية , تلك العملية التي أطلقتها ثورة 21 سبتمبر لإزاحة القوى التقليدية الرجعية وبناء الدولة المدنية الاتحادية . القوى الجديدة الصاعدة على المشهد السياسي اليمني المتمثلة بحركة أنصار الله والحراك الشعبي الجنوبي ظلت تنقصها التجربة والعلاقات الدولية , حداثة وقصور لا تلغيا أو تتنكرا لجدية وأهلية أنصار الله في الحرب على الإرهاب والفساد , أما الحراك الشعبي الجنوبي أستمر كهبة شعبية لم تستطع بناء حامل سياسي معبر عنها حتى اللحظة ,زادها تعقيدا سيطرة القوى التقليدية (تحضيرية المؤتمر الجامع) والإسلام السياسي (الهيئة الشرعية) على منصة ساحات العروض ,سيطرة جاءت بفضل دعم وإسناد الفلول الهاربة من ثورة 21 سبتمبر ودولة قطر الكرتونية , واقع غير سوي حال دون تأييد قوى الحداثة والتقدم داخليا وخارجيا للمطالبات الجنوبية باستعادة الدولة . ضبابية المشهد السياسي اليمني المعاصر المعقد أصلا تظل الحالة المضيئة فيه الرئيس هادي , بحكم إجادته التواصل مع القوى الجديدة الصاعدة رغم خلافاتهما اليومية مع استمراره بالاحتفاظ بعلاقاته الدولية المميزة , القوى الدولية وكذا القوى الجديدة الصاعدة جميعا تعي جيدا حقيقة أن مظلة الرئيس هادي هي الحامي المتبقي والمتوافق عليه للسلم الأهلي , إسقاطها أو تمزيقها يقود البلد إلى فوضى يصعب بعدها على اللاعبين المحليين أو الدوليين من إعادة ترتيب أوراقها مرة أخرى , واقع جديد يفرض على طرفي المعادلة (الرئيس والقوى الجديدة) التزامات متبادلة , طرفها الأول التمسك بشرعيته تأميناً للذهاب نحو الدولة المدنية الاتحادية يقابلها احترامه لتحفظاتها وخياراتها السياسية الخاصة.